للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ مَعْدُولٌ بِهِ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَمَلُّكِ الْمَالِ عَلَى الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ، وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، وَهَذَا لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الْقِسْمَةِ تَلْزَمُهُ فِي الْأَصْلِ دُونَ الْفَرْعِ، وَلَنَا مَا رَوَيْنَا،

- «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» فَتَنْحَصِرُ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ: يَعْنِي إذَا كَانَ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ عِنْدَهُ، وَأَنَّهُ قَالَ «فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ» وَفِيهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى عَدَمِ الشُّفْعَةِ فِي الْمَقْسُومِ وَالشَّرِيكُ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ وَالْجَارِ حَقُّ كُلٍّ مِنْهُمَا مَقْسُومٌ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ. قَوْلُهُ (وَلِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ) دَلِيلٌ لَهُ مَعْقُولٌ، وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ مَعْدُولٌ بِهِ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَمَلُّكِ الْمَالِ عَلَى الْغَيْرِ بِلَا رِضَاهُ، فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ لَا يَثْبُتَ حَقُّ الشُّفْعَةِ أَصْلًا، لَكِنْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ قِيَاسًا أَصْلًا، وَلَا دَلَالَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (وَهَذَا) أَيْ الْجَارُ: يَعْنِي شُفْعَةَ الْجَارِ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ، لِأَنَّ ثُبُوتَهَا فِيهِ لِضَرُورَةِ دَفْعِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ الَّتِي تَلْزَمُهُ. وَقَوْلُهُ (فِي الْأَصْلِ) أَيْ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، وَلَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِ فِي الْفَرْعِ وَهُوَ الْمَقْسُومُ، وَيُفْهَمُ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِهِ أَنَّ نِزَاعَهُ لَيْسَ فِي الْجَارِ وَحْدَهُ بَلْ فِيهِ وَفِي الشَّرِيكِ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ مَقْسُومٌ أَيْضًا، وَفِيمَا لَمْ يَحْتَمِلْ الْقِسْمَةَ كَالْبِئْرِ وَالْحَمَّامِ (وَلَنَا مَا رَوَيْنَا) مِنْ الْأَحَادِيثِ مِنْ قَوْلِهِ «جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَوْلُهُ «الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>