كَمَا إذَا بَاعَهُ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَقَدْ اشْتَرَاهُ مُؤَجَّلًا، وَإِنْ اخْتَارَ الِانْتِظَارَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ لَا يَلْتَزِمَ زِيَادَةَ الضَّرَرِ مِنْ حَيْثُ النَّقْدِيَّةُ. وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْأَجَلُ مُرَادُهُ الصَّبْرُ عَنْ الْأَخْذِ، أَمَّا الطَّلَبُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ حَتَّى لَوْ سَكَتَ عَنْهُ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْبَيْعِ، وَالْأَخْذُ يَتَرَاخَى عَنْ الطَّلَبِ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْأَخْذِ فِي الْحَالِ بِأَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ حَالًّا فَيُشْتَرَطُ الطَّلَبُ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ. .
وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ بِطَرِيقِ تَحَوُّلِ الصَّفْقَةِ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ، لَكِنْ يَتَحَوَّلُ مَا كَانَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَالْأَجَلُ يَقْتَضِي الشَّرْطَ فَبَقِيَ مَعَ مَنْ ثَبَتَ الشَّرْطُ فِي حَقِّهِ. وَقَوْلُهُ (وَإِنْ اخْتَارَ الِانْتِظَارَ) ظَاهِرٌ.
وَقَوْلُهُ (لِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ) احْتِزَازٌ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ. رَوَى ابْنُ أَبِي مَالِكٍ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ كَانَ يَقُولُ أَوَّلًا كَقَوْلِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ فِي الْحَالِ، لِأَنَّ الطَّلَبَ إنَّمَا هُوَ لِلْأَخْذِ، وَهُوَ الْحَالُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَطْلُبُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُرِيدُ الْأَخْذَ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فِي الْحَالِ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا فَائِدَةَ فِي طَلَبِهِ فِي الْحَالِ، فَسُكُوتُهُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الطَّلَبِ لَا لِإِعْرَاضِهِ عَنْ الْأَخْذِ.
وَوَجْهُ قَوْلِهِمَا وَقَوْلُهُ أَوَّلًا مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ وَفِيهِ إغْلَاقٌ، وَتَقْرِيرُهُ حَقَّ الشُّفْعَةِ يَثْبُتُ بِالْبَيْعِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِ، وَالشَّرْطُ الطَّلَبُ عِنْدَ ثُبُوتِ حَقِّ الشُّفْعَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَقْرِيرُهُ هَكَذَا الشَّرْطُ الطَّلَبُ عِنْدَ حَقِّ الشُّفْعَةِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْبَيْعِ فَيُشْتَرَطُ الطَّلَبُ عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِ، وَأَمَّا الْأَخْذُ فَإِنَّهُ يَتَرَاخَى عَنْ الطَّلَبِ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ إلَى انْقِضَاءِ الْأَجَلِ. وَقَوْلُهُ (وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْأَخْذِ فِي الْحَالِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ، وَتَقْرِيرُهُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الْأَخْذُ، وَلَئِنْ كَانَ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute