للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَإِذَا انْهَدَمَتْ الدَّارُ أَوْ احْتَرَقَ بِنَاؤُهَا أَوْ جَفَّ شَجَرُ الْبُسْتَانِ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ) لِأَنَّ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ تَابِعٌ حَتَّى دَخَلَا فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ فَلَا يُقَابِلُهُمَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ مَا لَمْ يَصِرْ مَقْصُودًا وَلِهَذَا جَازَ بَيْعُهَا مُرَابَحَةً بِكُلِّ الثَّمَنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا غَرِقَ نِصْفُ الْأَرْضِ حَيْثُ يَأْخُذُ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ لِأَنَّ الْفَائِتَ بَعْضُ الْأَصْلِ قَالَ.

(وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ) لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَمَلُّكِ الدَّارِ بِمَالِهِ قَالَ (وَإِنْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ قِيلَ لِلشَّفِيعِ إنْ شِئْت فَخُذْ الْعَرْصَةَ بِحِصَّتِهَا، وَإِنْ شِئْت فَدَعْ) لِأَنَّهُ صَارَ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ فَيُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْهَلَاكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ (وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ النَّقْضَ) لِأَنَّهُ صَارَ مَفْصُولًا فَلَمْ يَبْقَ تَبَعًا قَالَ (وَمَنْ ابْتَاعَ أَرْضًا وَعَلَى نَخْلِهَا ثَمَرٌ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِثَمَرِهَا) وَمَعْنَاهُ إذَا ذُكِرَ الثَّمَرُ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ اسْتِحْسَانٌ وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَأْخُذُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ يُتْبَعُ؛ أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ فَأَشْبَهَ الْمَتَاعَ فِي الدَّارِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الِاتِّصَالِ صَارَ تَبَعًا لِلْعَقَارِ كَالْبِنَاءِ فِي الدَّارِ، وَمَا كَانَ مُرَكَّبًا فِيهِ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ قَالَ (وَكَذَلِكَ إنْ ابْتَاعَهَا وَلَيْسَ فِي النَّخِيلِ ثَمَرٌ فَأَثْمَرَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي) يَعْنِي يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ تَبَعًا لِأَنَّ الْبَيْعَ سَرَى إلَيْهِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي وَلَدِ الْمَبِيعِ قَالَ (فَإِنْ جَدَّهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ لَا يَأْخُذُ الثَّمَرَ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ تَبَعًا لِلْعَقَارِ وَقْتَ الْأَخْذِ حَيْثُ صَارَ مَفْصُولًا عَنْهُ فَلَا يَأْخُذُهُ

قَالَ (وَإِذَا انْهَدَمَتْ الدَّارُ إلَخْ) كَلَامُهُ ظَاهِرٌ، وَالتَّأَمُّلُ فِيهِ يُرْشِدُ إلَى أَنَّ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهُمْ: يَعْنِي أَئِمَّتَنَا زَعَمُوا أَنَّ الْبِنَاءَ إذَا احْتَرَقَ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ عَنْ الشَّفِيعِ، وَإِذَا غَرِقَ بَعْضُ الْأَرْضِ سَقَطَ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ فَكَأَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا فِعْلَ الْمَاءِ دُونَ النَّارِ تَعَسُّفًا لِقِلَّةِ التَّأَمُّلِ، فَإِنَّ مَنْشَأَ الْفَرْقِ لَيْسَ فِعْلَ الْمَاءِ، وَإِنَّمَا مَنْشَؤُهُ أَنَّ الْبِنَاءَ وَصْفٌ وَالْأَوْصَافُ لَا يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ إذَا فَاتَ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ، وَأَمَّا بَعْضُ الْأَرْضِ لَيْسَ بِوَصْفٍ لِبَعْضٍ آخَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ إسْقَاطِ حِصَّةِ مَا غَرِقَ مِنْ الثَّمَنِ (وَإِنْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ) فَالشَّفِيعُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَرْصَةَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ لِأَنَّ الْبِنَاءَ صَارَ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ وَيُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْبُيُوعِ (وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ النَّقْضَ لِأَنَّهُ صَارَ مَفْصُولًا فَلَمْ يَبْقَ تَبَعًا) فَبَقِيَ مَنْقُولًا وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ. وَقَوْلُهُ (وَمَنْ ابْتَاعَ أَرْضًا) ظَاهِرٌ.

وَقَوْلُهُ (وَمَا كَانَ مُرَكَّبًا فِيهِ) يَعْنِي مِثْلَ الْأَبْوَابِ وَالسُّرَرِ الْمُرَكَّبَةِ. وَقَوْلُهُ (عَلَى مَا عُرِفَ فِي وَلَدِ الْمَبِيعَةِ) يَعْنِي أَنَّ الْجَارِيَةَ الْمَبِيعَةَ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي يَسْرِي حُكْمُ الْبَيْعِ إلَى الْوَلَدِ حَتَّى يَكُونَ الْوَلَدُ مِلْكَ الْمُشْتَرِي كَالْأُمِّ، وَقَوْلُهُ (فِي الْفَصْلَيْنِ) يُرِيدُ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>