للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا مَرَّ، وَأَنَّهُ يَنْتَظِمُ الْقِسْمَيْنِ مَا يُقْسَمُ وَمَا لَا يُقْسَمُ وَهُوَ الْحَمَّامُ وَالرَّحَى وَالْبِئْرُ وَالطَّرِيقُ.

قَالَ (وَلَا شُفْعَةَ فِي الْعُرُوضِ وَالسُّفُنِ) لِقَوْلِهِ «لَا شُفْعَةَ إلَّا فِي رَبْعٍ أَوْ حَائِطٍ» وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ فِي إيجَابِهَا فِي السُّفُنِ، وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا وَجَبَتْ لِدَفْعِ ضَرَرِ سُوءِ الْجِوَارِ عَلَى الدَّوَامِ، وَالْمِلْكُ فِي الْمَنْقُولِ لَا يَدُومُ حَسَبَ دَوَامِهِ فِي الْعَقَارِ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُخْتَصَرِ وَلَا شُفْعَةَ فِي الْبِنَاءِ وَالنَّخْلِ إذَا بِيعَتْ دُونَ الْعَرْصَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ مَذْكُورٌ فِي الْأَصْلِ، لِأَنَّهُ لَا قَرَارَ لَهُ فَكَانَ نَقْلِيًّا، وَهَذَا بِخِلَافِ الْعُلُوِّ حَيْثُ يُسْتَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ وَيُسْتَحَقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ فِي السُّفْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ طَرِيقُ الْعُلُوِّ فِيهِ، لِأَنَّهُ بِمَا لَهُ مِنْ حَقِّ الْقَرَارِ الْتَحَقَ بِالْعَقَارِ قَالَ (وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ فِي الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ) لِلْعُمُومَاتِ وَلِأَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي السَّبَبِ وَالْحِكْمَةِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَلِهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْبَاغِي وَالْعَادِلُ وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا أَوْ مُكَاتَبًا

الْقَدْرِ، وَاخْتَارَ الْجَوْهَرِيُّ الْفَتْحَ وَقَالَ: إنَّمَا تُسَكَّنُ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ.

وَقَوْلُهُ (إذَا لَمْ يَكُنْ طَرِيقُ الْعُلْوِ فِيهِ) لِبَيَانِ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الشُّفْعَةِ لِلْعُلْوِ بِسَبَبِ الْجِوَارِ لَا بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ، وَلَيْسَ لِنَفْيِ الشُّفْعَةِ إذَا كَانَ لَهُ طَرِيقٌ فِي السُّفْلِ، بَلْ إذَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَانَ اسْتِحْقَاقُهَا بِالشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ لَا بِالْجِوَارِ فَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى الْجَارِ (وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ فِيهَا سَوَاءٌ) وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: الشُّفْعَةُ رِفْقٌ شَرْعِيٌّ فَلَا يَسْتَحِقُّهَا مَنْ يُنْكِرُ الشَّرْعَ وَهُوَ الْكَافِرُ. وَلَنَا الْعُمُومَاتُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَالِاسْتِوَاءُ فِي السَّبَبِ وَالْحِكْمَةِ وَهِيَ دَفْعُ ضَرَرِ سُوءِ الْجِوَارِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الِاسْتِوَاءَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ (وَلِهَذَا قُلْنَا يَسْتَوِي فِيهِ الذِّكْرُ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ) وَقَالَ: لَا شُفْعَةَ لِلصَّغِيرِ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَرَّرُ بِسُوءِ الْمُجَاوَرَةِ. قُلْنَا: إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ فِي الْحَالِ يَتَضَرَّرُ فِي الْمَآلِ (وَيَسْتَوِي الْبَاغِي وَالْعَادِلُ وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا أَوْ مُكَاتَبًا) فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ الْمَوْلَى فَلِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الشُّفْعَةُ مَدْيُونًا كَانَ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَوْلَى، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ وَشِرَاءُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ مِنْ الْمَوْلَى جَائِزٌ دُونَ غَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>