للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَقْسِمْهَا إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا) لِأَنَّ الْجَبْرَ عَلَى الْقِسْمَةِ لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ، وَفِي هَذَا تَفْوِيتُهَا، وَتَجُوزُ بِتَرَاضِيهِمَا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا وَهُمَا أَعْرَفُ بِشَأْنِهِمَا.

أَمَّا الْقَاضِي فَيَعْتَمِدُ الظَّاهِرَ قَالَ (وَيُقْسَمُ الْعُرُوض إذَا كَانَتْ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ) لِأَنَّ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ يَتَّحِدُ الْمَقْصُودُ فَيَحْصُلَ التَّعْدِيلُ فِي الْقِسْمَةِ وَالتَّكْمِيلُ فِي الْمَنْفَعَةِ (وَلَا يَقْسِمُ الْجِنْسَيْنِ بَعْضَهُمَا فِي بَعْضٍ) لِأَنَّهُ لَا اخْتِلَاطَ بَيْنَ الْجِنْسَيْنِ فَلَا تَقَعُ الْقِسْمَةُ تَمْيِيزًا بَلْ تَقَعُ مُعَاوَضَةً، وَسَبِيلُهَا التَّرَاضِي دُونَ جَبْرِ الْقَاضِي (وَيَقْسِمُ كُلَّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ كَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ وَالْمَعْدُودِ الْمُتَقَارِبِ وَتِبْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالْإِبِلِ بِانْفِرَادِهَا وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَلَا يَقْسِمُ شَاةً وَبَعِيرًا وَبِرْذَوْنًا وَحِمَارًا وَلَا يَقْسِمُ الْأَوَانِيَ) لِأَنَّهَا بِاخْتِلَافِ الصَّنْعَةِ الْتَحَقَتْ بِالْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ (وَيَقْسِمُ الثِّيَابَ الْهَرَوِيَّةَ) لِاتِّحَادِ الصِّنْفِ (وَلَا يَقْسِمُ ثَوْبًا وَاحِدًا) لِاشْتِمَالِ الْقِسْمَةِ عَلَى الضَّرَرِ إذْ هِيَ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْقَطْعِ (وَلَا ثَوْبَيْنِ إذَا اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا) لِمَا بَيَّنَّا، بِخِلَافِ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ إذَا جُعِلَ ثَوْبٌ بِثَوْبَيْنِ أَوْ ثَوْبٌ وَرُبْعُ ثَوْبٍ بِثَوْبٍ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ ثَوْبٍ لِأَنَّهُ قِسْمَةُ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ وَذَلِكَ جَائِزٌ.

(وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَقْسِمُ الرَّقِيقَ وَالْجَوَاهِرَ) لِتَفَاوُتِهِمَا (وَقَالَا: يَقْسِمُ الرَّقِيقَ) لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ كَمَا فِي الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَرَقِيقِ الْمَغْنَمِ وَلَهُ أَنَّ التَّفَاوُتَ فِي الْآدَمِيِّ فَاحِشٌ لِتَفَاوُتِ الْمَعَانِي الْبَاطِنَةِ فَصَارَ كَالْجِنْسِ الْمُخْتَلِفِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانَاتِ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِيهَا يَقِلُّ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ جِنْسَانِ وَمِنْ الْحَيَوَانَاتِ جِنْسٌ

لَمْ يَقْسِمْهَا إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا لِأَنَّ الْجَبْرَ عَلَى الْقِسْمَةِ لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ وَفِي هَذَا تَفْوِيتُهَا، وَتَجُوزُ بِتَرَاضِيهِمَا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا وَهُمَا أَعْرَفُ بِشَأْنِهِمَا أَمَّا الْقَاضِي فَيَعْتَمِدُ الظَّاهِرَ وَيَقْسِمُ الْعُرُوضَ إذَا كَانَتْ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ) كَالثِّيَابِ مَثَلًا: يَعْنِي بِهِ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّ فِي حَقِّ التَّرَاضِي لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الصِّنْفِ (لِأَنَّ عِنْدَ اتِّحَادِهِ يَتَّحِدُ الْمَقْصُودُ فَيَحْصُلُ التَّعْدِيلُ فِي الْقِسْمَةِ وَالتَّكْمِيلُ فِي الْمَنْفَعَةِ، وَلَا يَقْسِمُ الْجِنْسَيْنِ بَعْضَهُمَا فِي بَعْضٍ لِعَدَمِ الِاخْتِلَاطِ بَيْنَ الْجِنْسَيْنِ فَلَا تَقَعُ الْقِسْمَةُ تَمْيِيزًا بَلْ تَقَعُ مُعَاوَضَةً وَسَبِيلُهَا التَّرَاضِي دُونَ جَبْرِ الْقَاضِي).

وَقَوْلُهُ (وَيُقْسَمُ الْقَاضِي كُلُّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ إلَخْ) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (وَلَا يَقْسِمُ شَاةً وَبَعِيرًا) يَعْنِي لَا يُقْسَمُ جَبْرًا فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قِسْمَةَ جَمْعٍ بِأَنْ يَجْمَعَ نَصِيبَ أَحَدِ الْوَرَثَةِ فِي الشَّاةِ خَاصَّةً وَنَصِيبُ الْآخَرِ فِي الْبَعِيرِ خَاصَّةً، بَلْ يَقْسِمُ الشَّاةَ بَيْنَهُمْ جَمِيعًا عَلَى مَا يَسْتَحِقُّونَ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ فِي الْبَعِيرِ وَغَيْرِهِ وَالْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةِ مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ كَالْإِجَّانَةِ وَالْقُمْقُمِ وَالطَّشْتِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ صُفْرٍ مُلْحَقَةٌ بِمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ فَلَا يَقْسِمُهَا الْقَاضِي جَبْرًا، وَكَذَلِكَ الْأَثْوَابُ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ الْقُطْنِ أَوْ الْكَتَّانِ إذَا اخْتَلَفَتْ بِالصَّنْعَةِ كَالْقَبَاءِ وَالْجُبَّةِ وَالْقَمِيصِ (وَيَقْسِمُ الثِّيَابَ الْهَرَوِيَّةَ لِاتِّحَادِ الصِّنْفِ، وَلَا يَقْسِمُ ثَوْبًا وَاحِدًا لِاشْتِمَالِ الْقِسْمَةِ عَلَى الضَّرَرِ) بِسَبَبِ الْقَطْعِ لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافَ جُزْءٍ فَلَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي مَعَ كَرَاهَةِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ.

فَإِنْ رَضِيَا بِذَلِكَ قَسَمَهُ بَيْنَهُمَا (وَلَا ثَوْبَيْنِ إذَا اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا لِمَا بَيَّنَّا) يَعْنِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ بَلْ تَقَعُ مُعَاوَضَةً وَسَبِيلُهَا التَّرَاضِي. وَوَجْهُ الْمُعَاوَضَةِ أَنَّ التَّعْدِيلَ بَيْنَهُمَا لَا يُمْكِنُ إلَّا بِزِيَادَةِ دَرَاهِمَ مَعَ الْأَوْكَسِ، وَالدَّرَاهِمُ لَمْ تَكُنْ مُشْتَرَكَةً فَتَرِدُ عَلَيْهَا الْقِسْمَةُ فَكَانَ مُعَاوَضَةً (بِخِلَافِ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ إذَا دَخَلَ ثَوْبٌ بِثَوْبَيْنِ) يَعْنِي إذَا كَانَ قِيمَةُ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ مِثْلَ قِيمَةِ الثَّوْبَيْنِ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ وَأَبَى الْآخَرُ يَقْسِمُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَيُعْطِي أَحَدُهُمَا ثَوْبًا وَالْآخَرُ ثَوْبَيْنِ (وَكَذَا إنْ اسْتَقَامَ أَنْ يَجْعَلَ ثَوْبَ أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ ثَوْبًا وَرُبُعَ ثَوْبٍ وَالْآخَرُ ثَوْبًا وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ ثَوْبٍ) فَإِنَّهُ يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا وَيُتْرَكُ الثَّوْبُ الثَّالِثُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ (لِأَنَّهُ قِسْمَةُ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ وَذَلِكَ جَائِزٌ) لِأَنَّهُ تَيَسَّرَ عَلَيْهِ التَّمْيِيزُ فِي بَعْضِ الْمُشْتَرَكِ، وَلَوْ تَيَسَّرَ ذَلِكَ فِي الْكُلِّ قَسَمَ الْكُلَّ عِنْدَ طَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ فَكَذَلِكَ فِي الْبَعْضِ، وَمَا ثَمَّةَ مُعَاوَضَةٌ تَحْتَاجُ إلَى التَّرَاضِي (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يَقْسِمُ الرَّقِيقَ وَالْجَوَاهِرَ لِتَفَاوُتِهِمَا) الرَّقِيقُ إذَا كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الرَّقِيقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>