فَلَا يُبْطِلُ التَّحْرِيمَةَ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ يُوجِبُ بُطْلَانَ التَّحْرِيمَةِ، وَفِي إحْدَاهُمَا لَا يُوجِبُ لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنْ التَّطَوُّعِ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ وَفَسَادُهَا بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَقَضَيْنَا بِالْفَسَادِ فِي حَقِّ وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَحَكَمْنَا بِبَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ فِي حَقِّ لُزُومِ الشَّفْعِ الثَّانِي احْتِيَاطًا، إذَا ثَبَتَ هَذَا نَقُولُ: إذَا لَمْ يَقْرَأْ فِي الْكُلِّ قَضَى رَكْعَتَيْنِ عِنْدَهُمَا لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ قَدْ بَطَلَتْ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ عِنْدَهُمَا فَلَمْ يَصِحَّ الشُّرُوعُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي وَبَقِيَتْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ﵀ فَصَحَّ الشُّرُوعُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي ثُمَّ إذَا فَسَدَ الْكُلُّ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِيهِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأَرْبَعِ عِنْدَهُ.
(وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ لَا غَيْرُ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ) لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ لَمْ تَبْطُلْ فَصَحَّ الشُّرُوعُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي ثُمَّ فَسَادُهُ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ (وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا غَيْرُ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُولَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ) لِأَنَّ عِنْدَهُمَا لَمْ يَصِحُّ الشُّرُوعُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ﵀ إنْ صَحَّ فَقَدْ أَدَّاهَا (وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُولَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ﵀ قَضَاءُ الْأَرْبَعِ، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀) لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ بَاقِيَةٌ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ﵀ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُولَيَيْنِ لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ قَدْ
(وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ تَرْكَ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ يُوجِبُ بُطْلَانَ التَّحْرِيمَةِ، وَفِي إحْدَاهُمَا لَا يُوجِبُ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنْ التَّطَوُّعِ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ فَكَانَ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ فِيهِ إخْلَاءٌ لِلصَّلَاةِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فَتَكُونُ فَاسِدَةً يَجِبُ قَضَاؤُهَا وَبَطَلَ تَحْرِيمَتُهَا، وَأَمَّا الثَّانِي فَكَانَ الْقِيَاسُ فِيهِ مِثْلَ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ تَرَكَهَا فِي إحْدَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، لَكِنْ فَسَادُ الصَّلَاةِ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مُتَمَسِّكًا بِمَا هُوَ دَلِيلٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، فَقَضَيْنَا بِالْفَسَادِ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ كَمَا فِي الْفَجْرِ، وَحَكَمْنَا بِبَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ فِي حَقِّ لُزُومِ الشَّفْعِ الثَّانِي احْتِيَاطًا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحُكْمَيْنِ. فَإِنْ قِيلَ: فَسَادُ الصَّلَاةِ بِتَرْكِهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَيْضًا مُجْتَهَدٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ الْأَصَمَّ لَا يَقُولُ بِفَسَادِهَا. أُجِيبَ أَنَّ ذَلِكَ خِلَافٌ لَا اخْتِلَافٌ لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِلدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ (قَوْلُهُ: وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا) يَعْنِي الْأَصْلَ الْمَذْكُورَ ظَاهِرٌ سِوَى أَشْيَاءَ نُشِيرُ إلَيْهَا وَهُوَ قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ لَا غَيْرُ: يَعْنِي إذَا قَعَدَ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْعُدْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ أَرْبَعًا لِمَا أَنَّ الْفَسَادَ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي يَسْرِي إلَى الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَقْعُدْ بَيْنَهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ: (وَلَمْ يَصِحَّ الشُّرُوعُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ صَلَاةً فِي قَوْلِهِمَا حَتَّى لَوْ اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ، وَلَوْ قَهْقَهَ لَمْ تَنْتَقِضْ طَهَارَتُهُ.
وَقَوْلُهُ: (وَلَوْ قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقْضِي أَرْبَعًا) وَإِنَّمَا قَالَ (وَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute