للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَإِذَا كَانَتْ دُورٌ مُشْتَرَكَةً فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ قَسَمَ كُلَّ دَارٍ عَلَى حِدَتِهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: إنْ كَانَ الْأَصْلَحُ لَهُمْ قِسْمَةَ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ قَسَمَهَا) وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْأَقْرِحَةُ الْمُتَفَرِّقَةُ الْمُشْتَرِكَةُ لَهُمَا أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ اسْمًا وَصُورَةً، وَنَظَرًا إلَى أَصْلِ السُّكْنَى أَجْنَاسٌ مَعْنًى نَظَرًا إلَى اخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ، وَوُجُوهِ السُّكْنَى فَيُفَوَّضُ التَّرْجِيحُ إلَى الْقَاضِي وَلَهُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْمَعْنَى وَهُوَ الْمَقْصُودُ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ وَالْمَحَالِّ وَالْجِيرَانِ وَالْقُرْبِ إلَى الْمَسْجِدِ وَالْمَاءِ اخْتِلَافًا فَاحِشًا فَلَا يُمْكِنُ التَّعْدِيلُ فِي الْقِسْمَةِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ دَارٍ، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ عَلَى دَارٍ لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِيهِمَا فِي الثَّوْبِ بِخِلَافِ الدَّارِ الْوَاحِدَةِ إذَا اخْتَلَفَتْ بُيُوتُهَا، لِأَنَّ فِي قِسْمَةِ كُلِّ بَيْتٍ عَلَى حِدَةٍ ضَرَرًا فَقُسِمَتْ الدَّارُ قِسْمَةً وَاحِدَةً قَالَ : تَقْيِيدُ الْوَضْعِ فِي الْكِتَابِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الدَّارَيْنِ إذَا كَانَتَا فِي مِصْرَيْنِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِي الْقِسْمَةِ عِنْدَهُمَا، وَهُوَ رِوَايَةُ هِلَالٍ عَنْهُمَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُقْسَمُ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى وَالْبُيُوتُ فِي مُحَلَّةٍ أَوْ مَحَالٍ تُقْسَمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِيمَا بَيْنَهَا يَسِيرٌ، وَالْمَنَازِلُ الْمُتَلَازِقَةُ كَالْبُيُوتِ وَالْمُتَبَايِنَةُ كَالدُّورِ لِأَنَّهُ بَيْنَ الدَّارِ وَالْبَيْتِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ فَأَخَذَ شَبِيهًا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ.

قَالَ (وَإِنْ كَانَتْ دَارٌ وَضِيعَةٌ أَوْ دَارٌ وَحَانُوتٌ قُسِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ) لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ. قَالَ : جَعَلَ الدَّارَ وَالْحَانُوتَ جِنْسَيْنِ، وَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ وَقَالَ فِي إجَارَاتِ الْأَصْلِ: إنَّ إجَارَةَ مَنَافِعِ الدَّارِ بِالْحَانُوتِ لَا تَجُوزُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، فَيُجْعَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ أَوْ تُبْنَى حُرْمَةُ الرِّبَا هُنَالِكَ عَلَى شُبْهَةِ الْمُجَانَسَةِ

إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا (قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَتْ دُورٌ مُشْتَرَكَةٌ) هَاهُنَا ثَلَاثَةُ فُصُولٍ: الدُّورُ، وَالْبُيُوتُ، وَالْمَنَازِلُ. فَالدُّورُ مُتَلَازِقَةً كَانَتْ أَوْ مُتَفَرِّقَةً لَا تُقْسَمُ عِنْدَهُ قِسْمَةً وَاحِدَةً إلَّا بِالتَّرَاضِي، وَالْبُيُوتُ تُقْسَمُ مُطْلَقًا لِتَقَارُبِهَا فِي مَعْنَى السُّكْنَى، وَالْمَنَازِلُ إنْ كَانَتْ مُجْتَمِعَةً فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ مُتَلَازِقًا بَعْضُهَا بِبَعْضٍ قُسِمَتْ قِسْمَةً وَاحِدَةً وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ كَانَتْ فِي مَحَالَّ أَوْ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ بَعْضُهَا فِي أَدْنَاهَا وَبَعْضُهَا فِي أَقْصَاهَا، لِأَنَّ الْمَنْزِلَ فَوْقَ الْبَيْتِ دُونَ الدَّارِ فَالْمَنَازِلُ تَتَفَاوَتُ فِي مَعْنَى السُّكْنَى، وَلَكِنَّ التَّفَاوُتَ فِيهَا دُونَ التَّفَاوُتِ فِي الدُّورِ فَهِيَ تُشْبِهُ الْبُيُوتَ مِنْ وَجْهٍ وَالدُّورَ مِنْ وَجْهٍ، فَلِشَبَهِهَا بِالْبُيُوتِ قُلْنَا إذَا كَانَتْ مُتَلَازِقَةً تُقْسَمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً، لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِيهَا يَقِلُّ فِي مَكَان وَاحِدٍ، وَلِشَبَهِهَا بِالدُّورِ قُلْنَا: إذَا كَانَتْ فِي أَمْكِنَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ لَا تُقْسَمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً، وَهُمَا فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا يَقُولَانِ: يَنْظُرُ الْقَاضِي إلَى أَعْدَلِ الْوُجُوهِ فَيُمْضِي الْقِسْمَةَ عَلَى ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ (عَلَى مَا مَرَّ) يَعْنِي فِي بَابِ الْحُقُوقِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ دَارٌ وَضِيعَةٌ أَوْ دَارٌ وَحَانُوتٌ إلَخْ) وَاضِحٌ إلَّا مَا نَذْكُرُهُ، إنَّمَا خَصَّ الْخَصَّافَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَمْ تُذْكَرْ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلَا ذَكَرَهَا الطَّحَاوِيُّ وَلَا الْكَرْخِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.

وَقَوْلُهُ (إنَّ إجَارَةَ مَنَافِعِ الدَّارِ بِالْحَانُوتِ) أَيْ بِمَنَافِعِ الْحَانُوتِ، لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ نَفْسَ الْحَانُوتِ أُجْرَةً لِمَنَافِعِ الدَّارِ صَحَّ. وَقَوْلُهُ (أَوْ تُبْنَى حُرْمَةُ الرِّبَا هُنَالِكَ) أَيْ فِي إجَارَاتِ الْأَصْلِ (عَلَى شُبْهَةِ الْمُجَانَسَةِ) يَعْنِي إنْ كَانَتْ مَنَافِعُ الدَّارِ وَمَنَافِعُ الْحَانُوتِ مُخْتَلِفَةً رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ تَحْمِلُ حُرْمَةَ الرِّبَا هُنَالِكَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>