للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَيَنْبَغِي لِلْقَاسِمِ أَنْ يُصَوِّرَ مَا يَقْسِمُهُ) لِيُمْكِنَهُ حِفْظُهُ (وَيَعْدِلَهُ) يَعْنِي يُسَوِّيَهُ عَلَى سِهَامِ الْقِسْمَةِ وَيُرْوَى يَعْزِلَهُ: أَيْ يَقْطَعَهُ بِالْقِسْمَةِ عَنْ غَيْرِهِ (وَيَذْرَعَهُ) لِيَعْرِفَ قَدْرَهُ (وَيُقَوِّمَ الْبِنَاءَ) لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ (وَيَفْرِزَ كُلَّ نَصِيبٍ عَنْ الْبَاقِي بِطَرِيقِهِ وَشُرْبِهِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِنَصِيبِ بَعْضِهِمْ بِنَصِيبِ الْآخَرِ تَعَلُّقٌ) فَتَنْقَطِعَ الْمُنَازَعَةُ وَيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الْقِسْمَةِ عَلَى التَّمَامِ (ثُمَّ يُلَقِّبَ نَصِيبًا بِالْأَوَّلِ، وَاَلَّذِي يَلِيهِ بِالثَّانِي وَالثَّالِثُ عَلَى هَذَا ثُمَّ يُخْرِجَ الْقُرْعَةَ، فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أَوَّلًا فَلَهُ السَّهْمُ الْأَوَّلُ، وَمَنْ خَرَجَ ثَانِيًا فَلَهُ السَّهْمُ الثَّانِي) وَالْأَصْلُ أَنْ يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ إلَى أَقَلِّ الْأَنْصِبَاءِ، حَتَّى إذَا كَانَ الْأَقَلُّ ثُلُثًا جَعَلَهَا أَثْلَاثًا، وَإِنْ كَانَ سُدُسًا جَعَلَهَا أَسْدَاسًا لِتَمَكُّنِ الْقِسْمَةِ، وَقَدْ شَرَحْنَاهُ مُشَبَّعًا فِي كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ: وَيَفْرِزَ كُلَّ نَصِيبٍ بِطَرِيقِهِ وَشُرْبِهِ بَيَانُ الْأَفْضَلِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ جَازَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ بِتَفْصِيلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَالْقُرْعَةُ لِتَطْيِيبِ الْقُلُوبِ وَإِزَاحَةِ تُهْمَةِ الْمِيلِ،

الْمَوْصُوفُ. قَالَ (وَيَنْبَغِي لِلْقَاسِمِ أَنْ يُصَوِّرَ مَا يَقْسِمُهُ) إذَا شَرَعَ الْقَاسِمُ فِي الْقِسْمَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُصَوِّرَ مَا يَقْسِمُهُ بِأَنْ يَكْتُبَ عَلَى كَاغِدَةٍ إنَّ فُلَانًا نَصِيبُهُ كَذَا وَفُلَانًا نَصِيبُهُ كَذَا لِيُمْكِنَهُ حِفْظُهُ إنْ أَرَادَ رَفْعَ تِلْكَ الْكَاغَدَةِ إلَى الْقَاضِي لِيَتَوَلَّى الْإِقْرَاعَ بَيْنَهُمْ بِنَفْسِهِ (وَيَعْدِلهُ يَعْنِي يُسَوِّيهِ عَلَى سِهَامِ الْقِسْمَةِ، وَيُرْوَى يَعْزِلُهُ: أَيْ يَقْطَعُهُ بِالْقِسْمَةِ عَنْ غَيْرِهِ وَيَذْرَعُهُ لِيَعْرِفَ قَدْرَهُ وَيُقَوَّمُ الْبِنَاءُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ) إذْ الْبِنَاءُ يُقْسَمُ عَلَى حِدَةٍ، فَرُبَّمَا يَقَعُ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمْ شَيْءٌ مِنْهُ فَيَكُونُ عَالِمًا بِقِيمَتِهَا (وَيُفْرَزُ كُلُّ نَصِيبٍ عَنْ الْبَاقِي بِطَرِيقِهِ وَشِرْبِهِ) إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ لِيَنْقَطِعَ النِّزَاعُ وَيَتِمَّ مَعْنَى الْقِسْمَةِ.

(ثُمَّ يُلَقَّبُ نَصِيبًا بِالْأَوَّلِ وَاَلَّذِي يَلِيه بِالثَّانِي وَالثَّالِثِ إلَى أَنْ تَفْرُغَ السِّهَامُ وَيَكْتُبَ أَسْمَاءَهُمْ وَيُخْرِجَ الْقُرْعَةَ، فَمِنْ خَرَجَ اسْمُهُ أَوَّلًا إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ حَمِيدُ الدِّينِ : صُورَتُهُ أَرْضٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ لِأَحَدِهِمْ سُدُسُهَا وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهَا وَلِلْآخَرِ نِصْفُهَا يَجْعَلُهَا سِتَّةَ أَسْهُمٍ، وَيُلَقَّبُ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ بِالسَّهْمِ الْأَوَّلِ وَاَلَّذِي يَلِيه بِالثَّانِي وَالثَّالِثُ عَلَى هَذَا، ثُمَّ يَكْتُبُ أَسْمَاءَهُمْ وَيَجْعَلُهَا قُرْعَةً ثُمَّ يُلْقِيهَا فِي كُمِّهِ، فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أَوَّلًا فَلَهُ السَّهْمُ الْأَوَّلُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ صَاحِبَ السُّدُسِ فَلَهُ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ الثُّلُثِ فَلَهُ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ وَاَلَّذِي يَلِيهِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ النِّصْفِ فَلَهُ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ وَاَللَّذَانِ يَلِيَانِهِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ) وَاضِحٌ. قَوْلُهُ (وَالْقُرْعَةُ لِتَطْيِيبِ الْقُلُوبِ) جَوَابُ الِاسْتِحْسَانِ، وَالْقِيَاسُ يَأْبَاهَا لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الِاسْتِحْقَاقِ بِخُرُوجِ الْقُرْعَةِ وَذَلِكَ قِمَارٌ وَلِهَذَا لَمْ تُجَوِّزْ عُلَمَاؤُنَا اسْتِعْمَالَهَا فِي دَعْوَى النَّسَبِ وَدَعْوَى الْمَالِ وَتَعْيِينِ الْمُطَلَّقَةِ، وَلَكِنْ تَرَكْنَاهَا هَاهُنَا بِالتَّعَامُلِ الظَّاهِرِ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ إلَى يَوْمِنَا هَذَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَلَيْسَ فِي مَعْنَى الْقِمَارِ لِأَنَّ أَصْلَ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ. وَأَمَّا مَا نَحْنُ فِيهِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْقَاسِمَ لَوْ قَالَ أَنَا عَدَلْت فِي الْقِسْمَةِ فَخُذْ أَنْتَ هَذَا الْجَانِبَ وَأَنْتَ هَذَا الْجَانِبَ كَانَ مُسْتَقِيمًا، إلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا يُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ فَيَسْتَعْمِلُ الْقُرْعَةَ لِتَطْيِيبِ قُلُوبِ الشُّرَكَاءِ وَنَفْيِ تُهْمَةِ الْمَيْلِ عَنْ نَفْسِهِ وَذَلِكَ جَائِزٌ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ زَكَرِيَّا حَيْثُ اسْتَعْمَلَ الْقُرْعَةَ مَعَ الْأَحْبَارِ فِي ضَمِّ مَرْيَمَ إلَى نَفْسِهِ مَعَ عِلْمِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>