للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: هَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ : وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: يُقْسَمُ بِالذَّرْعِ؛ لِمُحَمَّدٍ أَنَّ السُّفْلَ يَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الْعُلُوُّ مِنْ اتِّخَاذِهِ بِئْرَ مَاءٍ أَوْ سِرْدَابًا أَوْ إصْطَبْلًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّعْدِيلُ إلَّا بِالْقِيمَةِ، وَهُمَا يَقُولَانِ إنَّ الْقِسْمَةَ بِالذَّرْعِ هِيَ الْأَصْلُ، لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْمَذْرُوعِ لَا فِي الْقِيمَةِ فَيُصَارَ إلَيْهِ مَا أَمْكَنَ، وَالْمُرَاعَى التَّسْوِيَةُ فِي السُّكْنَى لَا فِي الْمَرَافِقِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِيمَا بَيْنَهُمَا فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ بِالذَّرْعِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : ذِرَاعٌ مِنْ سُفْلٍ بِذِرَاعَيْنِ مِنْ عُلُوٍّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : ذِرَاعٌ بِذِرَاعٍ قِيلَ أَجَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ عَصْرِهِ أَوْ أَهْلِ بَلَدِهِ فِي تَفْضِيلِ السُّفْلِ عَلَى الْعُلُوِّ وَاسْتِوَائِهِمَا وَتَفْضِيلِ السُّفْلِ مَرَّةً وَالْعُلُوِّ أُخْرَى.

وَقِيلَ هُوَ اخْتِلَافُ مَعْنًى وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مَنْفَعَةَ السُّفْلِ تَرْبُو عَلَى مَنْفَعَةِ الْعُلُوِّ بِضَعْفِهِ لِأَنَّهَا تَبْقَى بَعْدَ فَوَاتِ

نِصْفَ قِيمَةِ الْآخَرِ يُحْسَبُ ذِرَاعٌ بِذِرَاعَيْنِ، وَعَلَى هَذَا الْحِسَابِ لِأَنَّ السُّفْلَ يَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الْعُلْوُ مِنْ حَفْرِ الْبِئْرِ وَاِتِّخَاذِ السِّرْدَابِ وَالْإِصْطَبْلِ وَغَيْرِهَا فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّعْدِيلُ إلَّا بِالْقِيمَةِ. ثُمَّ اخْتَلَفَ الشَّيْخَانِ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ بِالذَّرْعِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: ذِرَاعُ سُفْلٍ بِذِرَاعَيْنِ مِنْ عُلْوٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: ذِرَاعٌ بِذِرَاعٍ.

وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ بِأَنَّ مَبْنَى هَذَا الِاخْتِلَافِ اخْتِلَافُ عَادَةِ أَهْلِ الْعَصْرِ وَالْبُلْدَانِ فِي تَفْضِيلِ السُّفْلِ عَلَى الْعُلْوِ أَوْ الْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ اسْتِوَائِهِمَا أَوْ هُوَ مَعْنًى فِقْهِيٌّ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَجَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>