للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَبْرُ الْقَاضِي كَمَا يَجْرِي فِي الْقِسْمَةِ، إلَّا أَنَّ الْقِسْمَةَ أَقْوَى مِنْهُ فِي اسْتِكْمَالِ الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهُ جَمْعُ الْمَنَافِعِ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ، وَالتَّهَايُؤُ جَمْعٌ عَلَى التَّعَاقُبِ، وَلِهَذَا لَوْ طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَةَ وَالْآخَرُ الْمُهَايَأَةَ يَقْسِمُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّكْمِيلِ. وَلَوْ وَقَعَتْ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ ثُمَّ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ يَقْسِمُ وَتَبْطُلُ الْمُهَايَأَةُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ، وَلَا يَبْطُلُ التَّهَايُؤُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا بِمَوْتِهِمَا لِأَنَّهُ لَوْ انْتَقَضَ لَاسْتَأْنَفَهُ الْحَاكِمُ فَلَا فَائِدَةَ فِي النَّقْضِ ثُمَّ الِاسْتِئْنَافِ (وَلَوْ تَهَايَأَ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ هَذَا طَائِفَةٌ وَهَذَا طَائِفَةٌ أَوْ هَذَا عُلُوَّهَا وَهَذَا سُفْلَهَا جَازَ) لِأَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَائِزَةٌ فَكَذَا الْمُهَايَأَةُ، وَالتَّهَايُؤُ فِي هَذَا الْوَجْهِ إفْرَازٌ لِجَمِيعِ الْأَنْصِبَاءِ لَا مُبَادَلَةٌ وَلِهَذِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْقِيتُ (وَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَسْتَغِلَّ مَا أَصَابَهُ

لِكَوْنِهَا فَرْعًا عَلَيْهَا، وَإِخَالُ أَنَّ التَّرْجَمَةَ بِالْبَابِ أَوْلَى، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي بَابِ دَعْوَى الْغَلَطِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْمُهَايَأَةُ لَيْسَتْ مِنْهُمَا لَكِنَّهَا بَابٌ مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا فَصْلٌ مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ وَفِيهِ مَا فِيهِ. وَالْمُهَايَأَةُ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْهَيْئَةِ وَهِيَ الْحَالَةُ الظَّاهِرَةُ لِلْمُتَهَيِّئِ لِلشَّيْءِ وَقَدْ تُبْدَلُ الْهَمْزَةُ أَلِفًا، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَرْضَى بِهَيْئَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَخْتَارُهَا، أَوْ أَنَّ الشَّرِيكَ الثَّانِي يَنْتَفِعُ بِالْعَيْنِ عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي يَنْتَفِعُ بِهَا الشَّرِيكُ الْأَوَّلُ. وَفِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ: هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ، وَهِيَ جَائِزَةٌ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ يَأْبَاهَا لِأَنَّهَا مُبَادَلَةُ الْمَنْفَعَةِ بِجِنْسِهَا، إذَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي نَوْبَتِهِ يَنْتَفِعُ بِمِلْكِ شَرِيكِهِ عِوَضًا مِنْ انْتِفَاعِ الشَّرِيكِ بِمِلْكِهِ فِي نَوْبَتِهِ، لَكِنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ وَهُوَ الْمُهَايَأَةُ بِعَيْنِهَا وَلِلْحَاجَةِ إلَيْهَا إذْ يَتَعَذَّرُ الِاجْتِمَاعُ عَلَى الِانْتِفَاعِ فَأَشْبَهَ الْقِسْمَةَ، وَلِهَذَا يَجْرِي فِيهِ جَبْرُ الْقَاضِي إذَا طَلَبَهَا بَعْضُ الشُّرَكَاءِ وَأَبَى غَيْرُهُ وَلَمْ يَطْلُبْ قِسْمَةَ الْعَيْنِ كَمَا يَجْرِي فِي الْقِسْمَةِ إلَّا أَنَّ الْقِسْمَةَ أَقْوَى مِنْهَا فِي اسْتِكْمَالِ الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهُ جَمَعَ الْمَنَافِعَ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ. وَالتَّهَايُؤُ جَمْعٌ عَلَى التَّعَاقُبِ وَلِهَذَا: أَيْ وَلِكَوْنِ الْقِسْمَةِ أَقْوَى إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَةَ وَالْآخَرُ الْمُهَايَأَةَ يَقْسِمُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّكْمِيلِ، وَلَوْ وَقَعَتْ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ ثُمَّ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ يُقْسَمُ وَتَبْطُلُ الْمُهَايَأَةُ وَلَا تَبْطُلُ الْمُهَايَأَةُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا بِمَوْتِهِمَا، لِأَنَّهُ لَوْ انْتَقَضَتْ لَاسْتَأْنَفَهُ الْحَاكِمُ لِجَوَازِ أَنْ يَطْلُبَ الْوَرَثَةُ الْمُهَايَأَةَ فَلَا فَائِدَةَ فِي النَّقْضِ ثُمَّ الِاسْتِئْنَافِ، وَلَوْ تَهَايَآ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ هَذَا طَائِفَةً وَهَذَا طَائِفَةً أَوْ هَذَا عُلْوَهَا وَهَذَا سُفْلَهَا جَازَ لِمَا ذُكِرَ فِي الْمَتْنِ، فَالتَّهَايُؤُ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ أَنْ يَسْكُنَ هَذَا فِي جَانِبٍ مِنْ الدَّارِ وَيَسْكُنَ هَذَا فِي جَانِبٍ آخَرَ مِنْهَا فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ إفْرَازٌ لَا مُبَادَلَةٌ لِتَحَقُّقِ مَعْنَاهُ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَجْمَعُ جَمِيعَ مَنَافِعِ أَحَدِهِمَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ شَائِعَةً فِي الْبَيْتَيْنِ، وَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الْآخَرِ وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْقِيتُ. وَلَوْ كَانَ مُبَادَلَةً كَانَ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ بِالْعِوَضِ فَيُلْحَقُ بِالْإِجَارَةِ وَيُشْتَرَطُ التَّأْقِيتُ، قِيلَ (قَوْلُهُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَسْتَغِلَّ مَا أَصَابَهُ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَوْضِيحًا لِكَوْنِهِ إفْرَازًا فَإِنَّهُ إذَا كَانَ إفْرَازًا

<<  <  ج: ص:  >  >>