للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ تَكُونُ مِنْ حَيْثُ الْمَكَانِ) وَالْأَوَّلُ مُتَعَيِّنٌ هَاهُنَا (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّهَايُؤِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانُ فِي مَحَلٍّ يَحْتَمِلُهُمَا يَأْمُرُهُمَا الْقَاضِي بِأَنْ يَتَّفِقَا) لِأَنَّ التَّهَايُؤَ فِي الْمَكَانِ أَعْدَلُ وَفِي الزَّمَانِ أَكْمَلُ، فَلَمَّا اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ لَا بُدَّ مِنْ الِاتِّفَاقِ (فَإِنْ اخْتَارَاهُ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانِ يُقْرَعُ فِي الْبِدَايَةِ) نَفْيًا لِلتُّهَمَةِ (وَلَوْ تَهَايَئَا فِي الْعَبْدَيْنِ عَلَى أَنْ يَخْدُمَ هَذَا هَذَا الْعَبْدُ وَالْآخَرَ الْآخَرُ جَازَ عِنْدَهُمَا) لِأَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَائِزَةٌ عِنْدَهُمَا جَبْرًا مِنْ الْقَاضِي وَبِالتَّرَاضِي فَكَذَا الْمُهَايَأَةُ. وَقِيلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَقْسِمُ الْقَاضِي. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهِ الْجَبْرُ عِنْدَهُ.

مِنْ حَيْثُ الْمَكَانُ، وَالْأَوَّلُ مُتَعَيِّنٌ هَاهُنَا) وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ هَذَا إفْرَازٌ أَوْ مُبَادَلَةٌ لِأَنَّهُ عَطَفَهُ عَلَى صُورَةِ الْإِفْرَازِ فَكَانَ مَعْلُومًا، فَإِذَا كَانَتْ الْمُهَايَأَةُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَالْمَنْفَعَةُ مُتَفَاوِتَةٌ تَفَاوُتًا يَسِيرًا كَمَا فِي الثِّيَابِ وَالْأَرَاضِي تُعْتَبَرُ إفْرَازًا مِنْ وَجْهٍ مُبَادَلَةً مِنْ وَجْهٍ حَتَّى لَا يَنْفَرِدَ أَحَدُهُمَا بِهَذِهِ الْمُهَايَأَةِ، وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَطْلُبْ الْآخَرُ قِسْمَةَ الْأَصْلِ أُجْبِرَ عَلَيْهَا. وَقِيلَ تُعْتَبَرُ إفْرَازًا مِنْ وَجْهٍ عَارِيَّةً مِنْ وَجْهٍ، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُبَادَلَةً لَمَا جَازَتْ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُبَادَلَةَ الْمَنْفَعَةِ بِجِنْسِهَا وَأَنَّهُ يَحْرُمُ رِبَا النَّسَاءِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَيْسَ فِيهَا عِوَضٌ وَهَذَا بِعِوَضٍ، وَرِبَا النَّسَاءِ ثَابِتٌ عِنْدَ أَحَدِ وَصْفَيْ الْعِلَّةِ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فِيمَا هُوَ مُبَادَلَةٌ فِي الْأَعْيَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْمَجْلِسِ الْمُخْتَلِفِ كَالدُّورِ وَالْعَبِيدِ تُعْتَبَرُ مُبَادَلَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى لَا تَجُوزَ بِدُونِ رِضَاهُمَا لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ، وَقِسْمَةُ الْمَنَافِعِ مُعْتَبَرَةٌ بِقِسْمَةِ الْأَعْيَانِ، وَقِسْمَةُ الْأَعْيَانِ اُعْتُبِرَتْ مُبَادَلَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي الْجِنْسِ الْمُخْتَلِفِ، فَكَذَا فِي قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّهَايُؤِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ فِي مَحَلٍّ يَحْتَمِلُهُمَا كَالدَّارِ مَثَلًا بِأَنْ يَطْلُبَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْكُنَ فِي مُقَدَّمِهَا وَصَاحِبُهُ فِي مُؤَخَّرِهَا وَالْآخَرُ يَطْلُبُ أَنْ يَسْكُنَ جَمِيعَ الدَّارِ شَهْرًا وَصَاحِبُهُ شَهْرًا آخَرَ يَأْمُرُهُمَا الْقَاضِي أَنْ يَتَّفِقَا، لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَزِيَّةً فَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا، إذْ التَّهَايُؤُ فِي الْمَكَانِ أَعْدَلُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي زَمَانِ الِانْتِفَاعِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَفِي الزَّمَانِ أَكْمَلَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَنْتَفِعُ بِجَمِيعِ جَوَانِبِ الدَّارِ فِي نَوْبَتِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ الِاتِّفَاقِ دَفْعًا لِلتَّحَكُّمِ، فَإِنْ اخْتَارَاهُ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ يُقْرَعُ فِي الْبِدَايَةِ نَفْيًا لِلتُّهْمَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَهَايَآ فِي الْعَبْدَيْنِ) وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُ (وَقِيلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ : لَا يُقْسَمُ) أَيْ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ عَنْهُ.

وَقَوْلُهُ (وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْهُ) يَعْنِي رَوَى الْخَصَّافُ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>