للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالرِّطَابِ أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ كَمَا زَعَمَ فَالْأَصْلُ فِي النُّصُوصِ أَنْ تَكُونَ مَعْلُولَةً سِيَّمَا عَلَى أَصْلِهِ (وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْكَرْمِ أَنْ يُخْرِجَ الْعَامِلَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي الْوَفَاءِ بِالْعَقْدِ (وَكَذَا لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَتْرُكَ الْعَمَلَ بِغَيْرِ عُذْرٍ) بِخِلَافِ الْمُزَارَعَةِ بِالْإِضَافَةِ إلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ. قَالَ (فَإِنْ دَفَعَ نَخْلًا فِيهِ تَمْرٌ مُسَاقَاةً وَالتَّمْرُ يَزِيدُ بِالْعَمَلِ جَازَ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ انْتَهَتْ لَمْ يَجُزْ) وَكَذَا عَلَى هَذَا إذَا دَفَعَ الزَّرْعَ وَهُوَ بَقْلٌ جَازَ، وَلَوْ اُسْتُحْصِدَ وَأُدْرِكَ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالْعَمَلِ، وَلَا أَثَرَ لِلْعَمَلِ بَعْدَ التَّنَاهِي وَالْإِدْرَاكِ، فَلَوْ جَوَّزْنَاهُ لَكَانَ اسْتِحْقَاقًا بِغَيْرِ عَمَلٍ وَلَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَ ذَلِكَ لِتَحَقُّقِ الْحَاجَةِ إلَى الْعَمَلِ.

قَالَ (وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَصَارَ كَالْمُزَارَعَةِ إذَا فَسَدَتْ.

قَالَ (وَتَبْطُلُ الْمُسَاقَاةُ بِالْمَوْتِ) لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِيهَا، فَإِنْ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالْخَارِجُ بُسْرٌ فَلِلْعَامِلِ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ يَقُومُ قَبْلَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يُدْرِكَ الثَّمَرَ، وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ وَرَثَةُ رَبِّ الْأَرْضُ اسْتِحْسَانًا فَيَبْقَى الْعَقْدُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ، وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْآخَرِ (وَلَوْ الْتَزَمَ الْعَامِلُ الضَّرَرَ يُتَخَيَّرُ وَرَثَةُ الْآخَرِ بَيْنَ أَنْ يَقْسِمُوا الْبُسْرَ عَلَى الشَّرْطِ وَبَيْنَ أَنْ يُعْطُوهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِنْ الْبُسْرِ وَبَيْنَ أَنْ يُنْفِقُوا عَلَى الْبُسْرِ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَرْجِعُوا بِذَلِكَ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ مِنْ الثَّمَرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلْحَاقُ الضَّرَرِ بِهِمْ)، وَقَدْ بَيَّنَّا نَظِيرَهُ فِي الْمُزَارَعَةِ (وَلَوْ مَاتَ الْعَامِلُ فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهِ وَإِنْ كَرِهَ رَبُّ الْأَرْضِ) لِأَنَّ فِيهِ النَّظَرَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (فَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَصْرِمُوهُ بُسْرًا كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بَيْنَ الْخِيَارَاتِ الثَّلَاثَةِ) الَّتِي بَيَّنَّاهَا.

هَذَا النَّصَّ بِعَيْنِهِ مَعْلُولٌ وَمَوْضِعُهُ أُصُولُ الْفِقْهِ.

وَقَوْلُهُ (وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْكَرْمِ) وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُ (لِمَا قَدَّمْنَاهُ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ إشَارَةٌ إلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُزَارَعَةِ بِقَوْلِهِ: (وَإِذَا عُقِدَتْ الْمُزَارَعَةُ فَامْتَنَعَ صَاحِبُ الْبَذْرِ مِنْ الْعَمَلِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى ضَرَرٍ فَكَانَتْ لَازِمَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ، بِخِلَافِ الْمُزَارَعَةِ فَإِنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ فِي الْحَالِ بِإِلْقَاءِ بَذْرِهِ فِي الْأَرْضِ فَلَمْ تَكُنْ لَازِمَةً مِنْ جِهَتِهِ، ثُمَّ عُذْرُ صَاحِبِ الْكَرْمِ لُحُوقُ دَيْنٍ فَادِحٍ لَا يُمْكِنْهُ الْإِيفَاءُ إلَّا بِبَيْعِ الْكَرْمِ، وَعُذْرُ الْعَامِلِ الْمَرَضُ، وَقَوْلُهُ (وَلَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ) لِأَنَّهَا جُوِّزَتْ بِالْأَثَرِ فِيمَا يَكُونُ أَجْرُ الْعَامِلِ بَعْضَ الْخَارِجِ. قَوْلُهُ (وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ) وَاضِحٌ.

وَقَوْلُهُ (وَالْخَارِجُ بُسْرٌ فَلِلْعَامِلِ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ) جَوَابُ الِاسْتِحْسَانِ إبْقَاءً لِلْعَقْدِ

دَفْعًا لِلضَّرَرِ

عَنْهُ. وَأَمَّا فِي الْقِيَاسِ فَقَدْ انْتَقَضَتْ الْمُسَاقَاةُ بَيْنَهُمَا وَكَانَ الْبُسْرُ بَيْنَ وَرَثَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَبَيْنَ الْعَامِلِ نِصْفَيْنِ إنْ شَرَطَا أَنْصَافًا، لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ اسْتَأْجَرَ الْعَامِلَ بِبَعْضِ الْخَارِجِ وَالْإِجَارَةُ تُنْتَقَضُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَالْبَاقِي وَاضِحٌ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ نَظِيرُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>