وَهِيَ اسْمُ جَمْعٍ وَأَقَلُّهُ الثَّلَاثُ فَيَتَنَاوَلُ الْمَرِيءَ وَالْوَدَجَيْنِ، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَطْعُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إلَّا بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ فَيَثْبُتُ قَطْعُ الْحُلْقُومِ بِاقْتِضَائِهِ، وَبِظَاهِرِ مَا ذَكَرْنَا يَحْتَجُّ مَالِكٌ وَلَا يُجَوِّزُ الْأَكْثَرَ مِنْهَا بَلْ يَشْتَرِطُ قَطْعَ جَمِيعِهَا (وَعِنْدَنَا إنْ قَطَعَهَا حَلَّ الْأَكْلُ، وَإِنْ قَطَعَ أَكْثَرَهَا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَقَالَا: لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَأَحَدِ الْوَدَجَيْنِ. قَالَ ﵁: هَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ الِاخْتِلَافَ فِي مُخْتَصَرِهِ. وَالْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ مَشَايِخِنَا ﵏ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَحْدَهُ. وَقَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إنْ قَطَعَ نِصْفَ الْحُلْقُومِ وَنِصْفَ الْأَوْدَاجِ لَمْ يُؤْكَلْ. وَإِنْ قَطَعَ أَكْثَرَ الْأَوْدَاجِ وَالْحُلْقُومَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ أُكِلَ.
وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا فَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا قَطَعَ
النَّجِسِ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِقَطْعِ مَجْرَاهُ، وَاحْتَجَّ مَالِكٌ ﵀ بِظَاهِرِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ وَبِمَا يَقْتَضِيهِ، فَإِنَّ الْأَوْدَاجَ جَمْعٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثٌ فَيَتَنَاوَلُ الْمَرِيءَ وَالْوَدَجَيْنِ، وَقَطْعُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِدُونِ قَطْعِ الْحُلْقُومِ مُتَعَذِّرٌ فَثَبَتَ قَطْعُ الْحُلْقُومِ بِالِاقْتِضَاءِ، وَجَوَابُهُ سَيَجِيءُ. وَاحْتَجَّ أَبُو يُوسُفَ ﵀ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ قَطْعِ الْوَدَجَيْنِ إنْهَارُ الدَّمِ فَيَنُوبُ أَحَدُهُمَا مَنَابَ الْآخَرِ، إذَا كُلٌّ مِنْهُمَا مَجْرَى الدَّمِ، أَمَّا الْحُلْقُومُ فَيُخَالِفُ الْمَرِيءَ، فَإِنَّ الْمَرِيءَ مَجْرَى الْعَلَفِ وَالْمَاءِ وَالْحُلْقُومُ مَجْرَى النَّفَسِ. وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْعَكْسِ، وَلَيْسَ يُجِيدُ فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِهِمَا وَهُوَ قَرِيبٌ، وَجَوَابُهُ سَيَجِيءُ. وَاحْتَجَّ مُحَمَّدٌ ﵀ بِأَنَّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْهَا أَصْلٌ بِنَفْسِهِ لِانْفِصَالِهِ عَنْ غَيْرِهِ وَلِوُرُودِ الْأَمْرِ بِفَرْيِهِ، وَالْأَكْثَرُ يَقُومُ مَقَامَ الْكُلِّ فَيُعْتَبَرُ أَكْثَرُ كُلٍّ مِنْ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ أَقْرَبُ كَمَا تَرَى. وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ ﵀ بِأَنَّ الْأَكْثَرَ يَقُومُ مَقَامَ الْكُلِّ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَأَيُّ ثَلَاثٍ قَطَعَهَا فَقَدْ قَطَعَ الْأَكْثَرَ مِنْهَا وَمَا هُوَ الْمَقْصُودُ يَحْصُلُ بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute