لَا تَجُوزُ، لِأَنَّ مَقْطُوعَ أَكْثَرِ الْأُذُنِ إذَا كَانَ لَا يَجُوزُ فَعَدِيمُ الْأُذُنِ أَوْلَى
(وَهَذَا) الَّذِي ذَكَرْنَا (إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْعُيُوبُ قَائِمَةً وَقْتَ الشِّرَاءِ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا سَلِيمَةً ثُمَّ تَعَيَّبَتْ بِعَيْبٍ مَانِعٍ إنْ كَانَ غَنِيًّا عَلَيْهِ غَيْرُهَا، وَإِنْ فَقِيرًا تُجْزِئُهُ هَذِهِ) لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْغَنِيِّ بِالشَّرْعِ ابْتِدَاءً لَا بِالشِّرَاءِ فَلَمْ تَتَعَيَّنْ بِهِ، وَعَلَى الْفَقِيرِ بِشِرَائِهِ بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ فَتَعَيَّنَتْ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ نُقْصَانِهِ كَمَا فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ، وَعَنْ هَذَا الْأَصْلِ قَالُوا: إذَا مَاتَتْ الْمُشْتَرَاةُ لِلتَّضْحِيَةِ؛ عَلَى الْمُوسِرِ مَكَانَهَا أُخْرَى وَلَا شَيْءَ عَلَى الْفَقِيرِ، وَلَوْ ضَلَّتْ أَوْ سُرِقَتْ فَاشْتَرَى أُخْرَى ثُمَّ ظَهَرَتْ الْأُولَى فِي أَيَّامِ النَّحْرِ عَلَى الْمُوسِرِ ذَبْحُ إحْدَاهُمَا وَعَلَى الْفَقِيرِ ذَبْحُهُمَا (وَلَوْ أَضْجَعَهَا فَاضْطَرَبَتْ فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهَا فَذَبَحَهَا أَجْزَأَهُ اسْتِحْسَانًا) عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، لِأَنَّ حَالَةَ الذَّبْحِ وَمُقَدِّمَاتِهِ مُلْحَقَةٌ بِالذَّبْحِ فَكَأَنَّهُ حَصَلَ بِهِ اعْتِبَارًا وَحُكْمًا (وَكَذَا لَوْ تَعَيَّبَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَانْفَلَتَتْ ثُمَّ أُخِذَتْ مِنْ فَوْرِهِ، وَكَذَا بَعْدَ فَوْرِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) لِأَنَّهُ حَصَلَ بِمُقَدِّمَاتِ الذَّبْحِ.
قَالَ (وَالْأُضْحِيَّةُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ)
يَشُوبُهُ شُعَيْرَاتٌ سُودٌ. وَالْوَجْءُ نَوْعٌ مِنْ الْخِصَاءِ، وَهُوَ أَنْ تُرَضَّ الْعُرُوقُ مِنْ غَيْرِ إخْرَاجِ الْخُصْيَتَيْنِ.
وَقَوْلُهُ (فَتَعَيَّنَتْ) يَعْنِي هَذِهِ الشَّاةَ الْمُشْتَرَاةَ لِلْأُضْحِيَّةِ. وَقَوْلُهُ (كَمَا فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ) فَإِنَّهُ إذَا نَقَصَ بَعْدَمَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهِ يَسْقُطُ بِقَدْرِهِ وَلَا يَضْمَنُهُ رَبُّ الْمَالِ لِأَنَّ النُّقْصَانَ لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَحِلَّ الْوُجُوبِ فِيهِمَا جَمِيعًا الْمَالُ لَا الذِّمَّةُ، فَإِذَا هَلَكَ الْمَالُ سَقَطَ الْوُجُوبُ (وَعَنْ هَذَا الْأَصْلِ) يَعْنِي كَوْنَ الْوُجُوبِ عَلَى الْغَنِيِّ بِالشِّرْعَةِ لَا بِالشِّرَاءِ وَعَلَى الْفَقِيرِ بِالْعَكْسِ. وَقَوْلُهُ (وَعَلَى الْفَقِيرِ ذَبْحُهُمَا) لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ وَقَدْ تَعَدَّدَ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ الْأَصْلِ يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ﵀ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا كَانَ مُوسِرًا لَا تَصِيرُ وَاجِبَةً بِالشِّرَاءِ بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا ﵏ تَجِبُ. وَرَوَى الزَّعْفَرَانِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا لَا تَجِبُ وَهُوَ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ.
وَقَوْلُهُ (فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهَا) مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْخَاصِّ وَإِرَادَةِ الْعَامِّ، فَإِنَّهُ إذَا أَصَابَهَا مَانِعٌ غَيْرُ الِانْكِسَارِ بِالِاضْطِرَابِ حَالَةَ الْإِضْجَاعِ لِلذَّبْحِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا قُيِّدَ الْإِجْزَاءُ بِالِاسْتِحْسَانِ لِأَنَّ وَجْهَ الْقِيَاسِ بِخِلَافِهِ، لِأَنَّ تَأْدِي الْوَاجِبِ بِالتَّضْحِيَةِ لَا بِالْإِضْجَاعِ وَهِيَ مَعِيبَةٌ عِنْدَهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ قَبْلَهُ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ حَصَلَ بِمُقَدِّمَاتِ الذَّبْحِ) دَلِيلُ مُحَمَّدٍ. وَدَلِيلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ الْفَوْرَ لَمَّا انْقَطَعَ خَرَجَ الْفِعْلُ الَّذِي تَعَيَّنَتْ بِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ هَذَا الذَّبْحِ الَّذِي وُجِدَ بَعْدَ الْفَوْرِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا حَصَلَ بِفِعْلٍ آخَرَ.
قَالَ (وَالْأُضْحِيَّةُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ إلَخْ) كَلَامُهُ وَاضِحٌ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ فِي مَذْهَبِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ الْجَذَعُ مِنْ الشِّيَاهِ مَا تَمَّتْ لَهَا سَنَةٌ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا هِيَ الْأَصْلُ فِي التَّبَعِيَّةِ لِأَنَّهُ جُزْؤُهَا وَلِهَذَا يَتْبَعُهَا فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ مِنْ الْفَحْلِ هُوَ الْمَاءُ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مَحِلٍّ لِهَذَا الْحُكْمِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute