للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَخْلُوطِ قَالَ (وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ مَا سُدَاه حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهُ غَيْرُ حَرِيرٍ كَالْقُطْنِ وَالْخَزِّ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهِ) لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَلْبَسُونَ الْخَزَّ، وَالْخَزُّ مُسْدًى بِالْحَرِيرِ، وَلِأَنَّ الثَّوْبَ إنَّمَا يَصِيرُ ثَوْبًا بِالنَّسْجِ وَالنَّسْجُ بِاللُّحْمَةِ فَكَانَتْ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ دُونَ السَّدَى. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: أَكْرَهُ ثَوْبَ الْقَزِّ يَكُونُ بَيْنَ الْفَرْوِ وَالظِّهَارَةِ، وَلَا أَرَى بِحَشْوِ الْقَزِّ بَأْسًا؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ مَلْبُوسٌ وَالْحَشْوَ غَيْرُ مَلْبُوسٍ. قَالَ (وَمَا كَانَ لُحْمَتُهُ حَرِيرًا وَسَدَاهُ غَيْرَ حَرِيرٍ لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْحَرْبِ)

لِلضَّرُورَةِ

(وَيُكْرَهُ فِي غَيْرِهِ) لِانْعِدَامِهَا، وَالِاعْتِبَارُ لِلُّحْمَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.

وَقَوْلُهُ (وَالْخَزُّ مُسَدًّى بِالْحَرِيرِ) قِيلَ هُوَ اسْمٌ لِثَوْبٍ سُدَاهُ حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهُ صُوفُ حَيَوَانٍ فِي الْمَاءِ. وَجُمْلَةُ وُجُوهِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ ثَلَاثَةٌ:

الْأَوَّلُ مَا يَكُونُ كُلُّهُ حَرِيرًا وَهُوَ الدِّيبَاجُ لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ بِالِاتِّفَاقِ، وَأَمَّا فِي الْحَرْبِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ، وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ وَقَدْ مَرَّ الْوَجْهُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.

وَالثَّانِي مَا يَكُونُ سُدَاهُ حَرِيرًا وَلُحْمَتُهُ غَيْرَهُ فَلَا بَأْسَ بِلُبْسِهِ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّ الْحُكْمَ إذَا تَعَلَّقَ بِعِلَّةٍ ذَاتِ وَصْفَيْنِ يُضَافُ إلَى آخِرِهِمَا وُجُودًا وَاللُّحْمَةُ كَذَلِكَ.

وَالثَّالِثُ عَكْسُ الثَّانِي وَهُوَ مُبَاحٌ فِي الْحَرْبِ لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ إيقَاعُ الْهَيْبَةِ فِي عَيْنِ الْعَدُوِّ لِبَرِيقِهِ وَدَفْعِ مَعَرَّةِ السِّلَاحِ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي غَيْرِهِ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا.

وَقَوْلُهُ (عَلَى مَا بَيَّنَّا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ الثَّوْبَ إنَّمَا يَصِيرُ ثَوْبًا بِالنَّسْجِ وَالنَّسْجُ بِاللُّحْمَةِ. رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ يَرَى بِاللِّبَاسِ الْمُرْتَفِعِ جِدًّا بَأْسًا، قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ذَاتَ يَوْمٍ وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ. وَرُبَّمَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ قِيمَتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>