للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتَحْسَنَ الْبَعْضُ الِاسْتِرَاحَةَ عَلَى خَمْسِ تَسْلِيمَاتٍ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ.

وَقَوْلُهُ ثُمَّ يُوتِرُ بِهِمْ يُشِيرُ إلَى أَنَّ وَقْتَهَا بَعْدَ الْعِشَاءِ قَبْلَ الْوِتْرِ، وَبِهِ قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ وَقْتَهَا بَعْدَ الْعِشَاءِ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ قَبْلَ الْوِتْرِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّهَا نَوَافِلُ سُنَّتْ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ الْقِرَاءَةِ فِيهَا، وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ فِيهَا الْخَتْمُ مَرَّةً فَلَا يُتْرَكُ لِكَسَلِ الْقَوْمِ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ مِنْ الدَّعَوَاتِ حَيْثُ يَتْرُكُهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ

(وَلَا يُصَلَّى الْوِتْرُ بِجَمَاعَةٍ

بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّرَاوِيحَ مَأْخُوذٌ مِنْ الرَّاحَةِ فَيُفْعَلُ مَا قُلْنَا تَحْقِيقًا لِلْمُسَمَّى (وَاسْتَحْسَنَ الْبَعْضُ الِاسْتِرَاحَةَ عَلَى خَمْسِ تَسْلِيمَاتٍ وَهُوَ نِصْفُ التَّرَاوِيحِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ) أَيْ مُسْتَحَبٍّ.

وَقَوْلُهُ: (وَبِهِ) أَيْ وَبِأَنَّ وَقْتَهَا بَعْدَ الْعِشَاءِ قَبْلَ الْوِتْرِ (قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ: فَإِنْ صَلَّاهَا قَبْلَ الْعِشَاءِ أَوْ بَعْدَ الْوِتْرِ لَا تَكُونُ تَرَاوِيحَ)؛ لِأَنَّهَا عُرِفَتْ بِفِعْلِ الصَّحَابَةِ فَكَانَ وَقْتُهَا مَا صَلَّوْا فِيهَا وَهُمْ صَلَّوْا بَعْدَ الْعِشَاءِ قَبْلَ الْوِتْرِ، وَذَهَبَ مُتَأَخِّرُو مَشَايِخِ بَلْخِي إلَى أَنَّ جَمِيعَ اللَّيْلِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَبَعْدَهُ وَقْتُهَا؛ لِأَنَّهَا سُمِّيَتْ قِيَامَ اللَّيْلِ فَكَانَ وَقْتُهَا اللَّيْلَ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ وَقْتَهَا بَعْدَ الْعِشَاءِ قَبْلَ الْوِتْرِ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّهَا نَوَافِلُ سُنَّتْ بَعْدَ الْعِشَاءِ) وَلَوْ صَلَّى قَبْلَ الْعِشَاءِ لَا تَكُونُ تَرَاوِيحَ، وَلَوْ صَلَّى بَعْدَ الْوِتْرِ جَازَ.

وَقَوْلُهُ: (وَلَمْ يُذْكَرْ قَدْرُ الْقِرَاءَةِ) ظَاهِرٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقْرَأُ فِي كُلِّ شَفْعٍ مِقْدَارَ مَا يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّ التَّطَوُّعَ أَخَفُّ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ فَيُعْتَبَرُ بِأَخَفِّ الْمَكْتُوبَاتِ قِرَاءَةً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقْرَأُ مِقْدَارَ مَا يَقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لَهَا. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَخْفِيفًا عَلَى النَّاسِ وَتَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ؛ لِأَنَّ عَدَدَ الرَّكَعَاتِ فِي ثَلَاثِينَ لَيْلَةً سِتُّمِائَةٍ وَآيَاتُ الْقُرْآنِ سِتَّةُ آلَافٍ وَشَيْءٌ، وَإِذَا قَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرُ آيَاتٍ يَحْصُلُ بِهِ الْخَتْمُ. وَقَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ مِنْ الدَّعَوَاتِ) يَعْنِي إذَا عَلِمَ أَنَّ قِرَاءَتَهَا تَثْقُلُ عَلَى الْقَوْمِ يَتْرُكُهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ بِالصَّلَوَاتِ لِكَوْنِهَا فَرْضًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَيُحْتَاطُ فِي الْإِتْيَانِ.

وَقَوْلُهُ: (وَلَا يُصَلَّى الْوِتْرُ بِجَمَاعَةٍ) ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْوِتْرُ بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ فَهُوَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي الْوِتْرِ، وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ أَنَّ عُلَمَاءَنَا اخْتَارُوا أَنْ يُوتِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>