للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقِلُّ لِلْحُرْمَةِ الْمُؤَبَّدَةِ فَقَلَّمَا تُشْتَهَى، بِخِلَافِ مَا وَرَاءَهَا، لِأَنَّهَا لَا تَنْكَشِفُ عَادَةً. وَالْمَحْرَمُ مِنْ لَا تَجُوزُ الْمُنَاكَحَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا عَلَى التَّأْبِيدِ بِنَسَبٍ كَانَ أَوْ بِسَبَبٍ كَالرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ لِوُجُودِ الْمَعْنَيَيْنِ فِيهِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمُصَاهَرَةُ بِنِكَاحٍ أَوْ سِفَاحٍ فِي الْأَصَحِّ لِمَا بَيَّنَّا. قَالَ (وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَمَسَّ مَا جَازَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ مِنْهَا) لِتَحَقُّقِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فِي الْمُسَافَرَةِ وَقِلَّةِ الشَّهْوَةِ لِلْمَحْرَمِيَّةِ، بِخِلَافِ وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَكَفَّيْهَا حَيْثُ لَا يُبَاحُ الْمَسُّ وَإِنْ أُبِيحَ النَّظَرُ؛ لِأَنَّ الشَّهْوَةَ مُتَكَامِلَةٌ (إلَّا إذَا كَانَ يَخَافُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى نَفْسِهِ الشَّهْوَةَ) فَحِينَئِذٍ لَا يَنْظُرُ وَلَا يَمَسُّ لِقَوْلِهِ «الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ»، وَحُرْمَةُ الزِّنَا بِذَوَاتِ الْمَحَارِمِ أَغْلَظُ فَيُجْتَنَبُ.

(وَلَا بَأْسَ بِالْخَلْوَةِ وَالْمُسَافَرَةِ بِهِنَّ) لِقَوْلِهِ «لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا»

مَوْضِعُ الْخِضَابِ، بِخِلَافِ الظَّهْرِ وَالْفَخِذِ وَالْبَطْنِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوَاضِعَ الزِّينَةِ، وَبَاقِي كَلَامِهِ وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُ (لِوُجُودِ الْمَعْنَيَيْنِ) يَعْنِي الضَّرُورَةَ وَقِلَّةَ الرَّغْبَةِ فِيهِ: أَيْ فِي الْمُحَرَّمِ. وَقَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوْ سِفَاحٍ، لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ فِي الْمُصَاهَرَةِ بِالزِّنَا لَا فِيهَا بِالنِّكَاحِ، فَإِنَّ بَعْضَ مَشَايِخِنَا قَالَ: لَا يَثْبُتُ حِلُّ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ بِالْمُصَاهَرَةِ سِفَاحًا، لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُرْمَةِ بِطَرِيقِ الْعُقُوبَةِ عَلَى الزَّانِي لَا بِطَرِيقِ النِّعْمَةِ، لِأَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ مَرَّةً لَا يُؤْتَمَنُ ثَانِيًا. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ ثُبُوتُ الْحُرْمَةِ بِطَرِيقِ الْعُقُوبَةِ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ بِاعْتِبَارِ كَرَامَةِ الْوَلَدِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ (قَالَ: وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَمَسَّ مَا جَازَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ مِنْهَا لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي لِلْإِبَاحَةِ) وَهُوَ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ فِي الْمُسَافَرَةِ وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ وَهُوَ وَفَوْرُ الشَّهْوَةِ. وَقَوْلُهُ (إلَّا إذَا كَانَ يَخَافُ عَلَيْهَا) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا بَأْسَ

وَكَلِمَةُ فَوْقَ فِي قَوْلِهِ «فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» صِلَةٌ، لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُسَافَرَةِ ثَابِتَةٌ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَيْضًا فَكَانَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ﴾ وَإِذَا جَازَتْ الْمُسَافَرَةُ بِهِنَّ جَازَتْ الْخَلْوَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>