وَكَذَا الْمُخَنَّثُ فِي الرَّدِيءِ مِنْ الْأَفْعَالِ؛ لِأَنَّهُ فَحْلٌ فَاسِقٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ فِيهِ بِمُحْكَمِ كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ فِيهِ، وَالطِّفْلُ الصَّغِيرُ مُسْتَثْنًى بِالنَّصِّ.
قَالَ (وَلَا يَجُوزُ لِلْمَمْلُوكِ أَنْ يَنْظُرَ مِنْ سَيِّدَتِهِ إلَّا مَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْهَا). وَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ كَالْمَحْرَمِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ مُتَحَقِّقَةٌ لِدُخُولِهِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ. وَلَنَا أَنَّهُ فَحْلٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ وَلَا زَوْجٍ، وَالشَّهْوَةُ مُتَحَقِّقَةٌ لِجَوَازِ النِّكَاحِ فِي الْجُمْلَةِ وَالْحَاجَةُ قَاصِرَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ خَارِجَ الْبَيْتِ.
وَسَاقِهَا مَكْشُوفَيْنِ، وَالْبَاقِي وَاضِحٌ.
وَقَوْلُهُ (وَكَذَا الْمُخَنَّثُ فِي الرَّدِيءِ مِنْ الْأَفْعَالِ) يَعْنِي مَنْ يُمَكِّنُ غَيْرَهُ مِنْ نَفْسِهِ، احْتِرَازًا عَنْ الْمُخَنَّثِ الَّذِي فِي أَعْضَائِهِ لِينٌ وَتَكَسُّرٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ وَلَا يَشْتَهِي النِّسَاءَ فَإِنَّهُ رَخَّصَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا ﵏ فِي تَرْكِ مِثْلِهِ مَعَ النِّسَاءِ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ﴾ قِيلَ هُوَ الْمُخَنَّثُ الَّذِي لَا يَشْتَهِي النِّسَاءَ، وَقِيلَ هُوَ الْمَجْبُوبُ الَّذِي جَفَّ مَاؤُهُ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَبْلَهُ الَّذِي لَا يَدْرِي مَا يَصْنَعُ بِالنِّسَاءِ إنَّمَا هَمُّهُ بَطْنُهُ وَفِيهِ كَلَامٌ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ شَابًّا يُنَحَّى عَنْ النِّسَاءِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ إذَا كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا مَاتَتْ شَهْوَتُهُ. وَالْأَصَحُّ أَنْ نَقُولَ قَوْله تَعَالَى ﴿أَوِ التَّابِعِينَ﴾ مِنْ الْمُتَشَابِهَاتِ وَقَوْله تَعَالَى ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ مُحْكَمٌ نَأْخُذُ بِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ ﵀ بِقَوْلِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ فِيهِ بِمُحْكَمِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُنَزَّلِ فِيهِ (وَالطِّفْلُ الصَّغِيرُ مُسْتَثْنًى بِالنَّصِّ) وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ﴾ أَيْ لَمْ يَطَّلِعُوا: أَيْ لَا يَعْرِفُونَ الْعَوْرَةَ وَلَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا.
وَقَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ لِلْمَمْلُوكِ) وَاضِحٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute