للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَزْلِ عَنْ الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا، وَقَالَ لِمَوْلَى أَمَةٍ: اعْزِلْ عَنْهَا إنْ شِئْت»، وَلِأَنَّ الْوَطْءَ حَقُّ الْحُرَّةِ قَضَاءً لِلشَّهْوَةِ وَتَحْصِيلًا لِلْوَلَدِ وَلِهَذَا تُخَيِّرُ فِي الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ، وَلَا حَقَّ لِلْأَمَةِ فِي الْوَطْءِ فَلِهَذَا لَا يُنْقَصُ حَقُّ الْحُرَّةِ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَيَسْتَبِدُّ بِهِ الْمَوْلَى وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَمَةَ غَيْرِهِ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي النِّكَاحِ.

الْإِشْكَالِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى أَحَدٍ أَنَّ لِلْأَمَةِ أَنْ تَنْظُرَ إلَى سَيِّدَتِهَا كَالْأَجْنَبِيَّاتِ، وَالْمِلْكُ إنْ لَمْ يَزِدْ تَوْسِعَةً فَلَا أَقَلَّ أَنْ لَا يَزِيدَ تَضْيِيقًا. وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّسَاءِ الْحَرَائِرُ الْمُسْلِمَاتُ اللَّاتِي فِي صُحْبَتِهِنَّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لِمُؤْمِنَةٍ أَنْ تَتَجَرَّدَ بَيْنَ يَدَيْ مُشْرِكَةٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ. كَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِنِسَائِهِنَّ مَنْ يَصْحَبُهُنَّ مِنْ الْحَرَائِرِ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا. وَالنِّسَاءُ كُلُّهُنَّ فِي حِلِّ نَظَرِ بَعْضِهِنَّ إلَى بَعْضٍ سَوَاءٌ، وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْله تَعَالَى ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ الْإِمَاءُ. وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ حَالَ الْأَمَةِ يَقْرُبُ مِنْ حَالِ الرِّجَالِ حَتَّى تُسَافِرَ مِنْ غَيْرِ مَحْرَمٍ، فَكَانَ يُشْكِلُ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهَا التَّكَشُّفُ بَيْنَ يَدَيْ أَمَتِهَا، وَلَمْ يَزُلْ هَذَا الْإِشْكَالُ بِقَوْلِهِ أَوْ نِسَائِهِنَّ لِأَنَّ مُطْلَقَ هَذَا اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ الْحَرَائِرَ دُونَ الْإِمَاءِ، وَالْبَاقِي وَاضِحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>