غَيْرَ أَنَّ الْإِرَادَةَ أَمْرٌ مُبْطَنٌ فَيُدَارُ الْحُكْمُ عَلَى دَلِيلِهَا، وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ الْوَطْءِ وَالتَّمَكُّنُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْمِلْكِ وَالْيَدِ فَانْتَصَبَ سَبَبًا وَأُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ تَيْسِيرًا، فَكَانَ السَّبَبُ اسْتِحْدَاثَ مِلْكِ الرَّقَبَةِ الْمُؤَكَّدِ بِالْيَدِ وَتَعَدِّي الْحُكْمِ إلَى
الْوَطْءِ، فَإِنَّ صَحِيحَ الْمِزَاجِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ أَرَادَهُ وَالتَّمَكُّنُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْمِلْكِ وَالْيَدِ فَانْتَصَبَ سَبَبًا وَأُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ وُجُودًا وَعَدَمًا تَيْسِيرًا. هَذَا فِي الْمُسَبَّبَةِ، ثُمَّ تَعَدَّى الْحُكْمُ إلَى سَائِرِ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ وَالْخُلْعِ بِأَنْ جَعَلَتْ الْأَمَةَ بَدَلَ الْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ بِأَنْ جَعَلَتْ الْأَمَةَ بَدَلًا فِيهَا.
فَإِنْ قِيلَ: الْمُوجِبُ وَرَدَ فِي الْمَسْبِيَّةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِتَحَقُّقِ الْمُطْلَقِ كَمَا ذَكَرْتُمْ فَهَلَّا يَقْتَصِرُ عَلَيْهَا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ غَيْرَهَا فِي مَعْنَاهَا حِكْمَةً وَعِلَّةً وَسَبَبًا فَأُلْحِقَ بِهَا دَلَالَةً. وَإِذَا ظَهَرَ هَذَا قُلْنَا: وَجَبَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ. بِأَنْ بَاعَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَحَقَّقُ الشَّغْلُ شَرْعًا فَيَحْتَاجُ إلَى التَّعَرُّفِ عَنْ الْبَرَاءَةِ وَمِنْ الْمَرْأَةِ وَالْمَمْلُوكِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ. وَمِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لِكَوْنِهَا أُخْتَهُ رَضَاعًا أَوْ وَرِثَهَا وَهِيَ مَوْطُوءَةُ أَبِيهِ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ بِكْرًا لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ وَهُوَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ وَالْيَدِ، وَلَا يُجْتَزَأُ بِالْحَيْضَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا فِي أَثْنَائِهَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ ﵀: يُجْتَزَأُ بِهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ تَعَرُّفُ الْبَرَاءَةِ. وَلَا بِاَلَّتِي حَصَلَتْ بَعْدَ الِاسْتِحْدَاثِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَا بِالْوِلَادَةِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَهَا: أَيْ بَعْدَ أَسْبَابِ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِتَحَقُّقِ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ السَّبَبِ، لِأَنَّ السَّبَبَ اسْتَحْدَثَ الْمِلْكَ وَالْيَدَ وَهِيَ إنَّمَا تَكُونُ بِالْقَبْضِ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْحُكْمِ قَبْلَ السَّبَبِ وَمَا بَعْدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute