فِي غَيْرِ الْمِلْكِ، وَلِأَنَّهُ زَمَانُ نَفْرَةٍ فَالْإِطْلَاقُ فِي الدَّوَاعِي لَا يُفْضِي إلَى الْوَطْءِ وَالرَّغْبَةُ فِي الْمُشْتَرَاةِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَصْدَقُ الرَّغَبَاتِ فَتُفْضِي إلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الدَّوَاعِيَ فِي الْمَسْبِيَّةِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ؛ لِأَنَّهَا لَا يُحْتَمَلُ وُقُوعُهَا فِي غَيْرِ الْمِلْكِ
وَقَوْلُهُ (وَلَمْ يَذْكُرْ الدَّوَاعِيَ فِي الْمُسَبَّبَةِ) يَعْنِي فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ ﵀ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ. وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ حَيْثُ تَعَدَّى الْحُكْمُ مِنْ الْأَصْلِ وَهِيَ الْمَسْبِيَّةُ إلَى الْفَرْعِ وَهُوَ غَيْرُهَا حَيْثُ حَرُمَتْ الدَّوَاعِي فِي غَيْرِ الْمَسْبِيَّةِ دُونَهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ اقْتِضَاءِ الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ. وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّعَدِّيَ إنْ كَانَ بِالْقِيَاسِ فَالْجَوَابُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ دَافِعٍ لِأَنَّ عَدَمَ التَّغْيِيرِ شَرْطُ الْقِيَاسِ كَمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، وَانْتِفَاءُ الشَّرْطِ يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الْمَشْرُوطِ. وَالثَّانِي أَنَّ مَا دَلَّ عَلَى حُرْمَةِ الدَّوَاعِي فِي غَيْرِ الْمَسْبِيَّةِ أَمْرَانِ: الْإِفْضَاءُ وَالْوُقُوعُ فِي غَيْرِ الْمَالِكِ، فَإِنْ لَمْ تَحْرُمْ بِالثَّانِي فَلْتَحْرُمْ بِالْأَوَّلِ، إذْ الْحُرْمَةُ تُؤْخَذُ بِالِاحْتِيَاطِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ التَّعْدِيَةَ هُنَا بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ لِلْأَحَقِّ دَلَالَةُ حُكْمِ الدَّلِيلِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُلْحَقِ بِهِ لِعَدَمِهِ، وَالدَّلِيلُ هَاهُنَا أَنَّ حُرْمَةَ الدَّوَاعِي فِي هَذَا الْبَابِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَلَمْ يَقُلْ بِهَا الشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ ﵏ فَلَمَّا كَانَ عِلَّتُهَا فِي الْمَسْبِيَّةِ أَمْرًا وَاحِدًا لَمْ تُعْتَبَرْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute