للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَى مَا حُفِرَ دُونَهَا (وَإِنْ كَانَتْ لِلنَّاضِحِ فَحَرِيمُهَا سِتُّونَ ذِرَاعًا، وَهَذَا عِنْدَهُمَا. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا) لَهُمَا قَوْلُهُ «حَرِيمُ الْعَيْنِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ. وَحَرِيمُ بِئْرِ الْعَطَنِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا، وَحَرِيمُ بِئْرِ النَّاضِحِ سِتُّونَ ذِرَاعًا» وَلِأَنَّهُ قَدْ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى أَنْ يُسَيِّرَ دَابَّتَهُ لِلِاسْتِقَاءِ، وَقَدْ يَطُولُ الرِّشَاءُ وَبِئْرُ الْعَطَنِ لِلِاسْتِقَاءِ مِنْهُ بِيَدِهِ فَقَلَّتْ الْحَاجَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّفَاوُتِ. وَلَهُ مَا رَوَيْنَا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَالْعَامُّ الْمُتَّفَقُ عَلَى قَبُولِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ

مَاءُ بِئْرِهِ، وَهَذَا الضَّرَرُ لَا يَنْدَفِعُ بِعَشَرَةِ أَذْرُعٍ " مِنْ " كُلِّ جَانِبٍ بِيَقِينٍ، فَإِنَّ الْأَرَاضِيَ تَخْتَلِفُ فِي الصَّلَابَةِ وَالرَّخَاوَةِ، وَفِي مِقْدَارِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ يَتَيَقَّنُ بِدَفْعِ الضَّرَرِ. وَالنَّاضِحُ: الْبَعِيرُ.

وَقَوْلُهُ (وَلَهُ مَا رَوَيْنَا) يُرِيدُ بِهِ قَوْلَهُ «مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فَلَهُ مِمَّا حَوْلَهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ» يَعْنِي بَيْنَ الْعَطَنِ وَالنَّاضِحِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِقَوْلِهِ عَطَنًا لِمَاشِيَتِهِ، فَيَكُونُ قَدْ فَصَلَ بَيْنَ الْعَطَنِ وَالنَّاضِحِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذِكْرَ ذَلِكَ اللَّفْظِ لِلتَّغْلِيبِ لَا لِلتَّقْيِيدِ، فَإِنَّ الْغَالِبَ فِي انْتِفَاعِ الْآبَارِ فِي الْفَلَوَاتِ هَذَا الطَّرِيقُ فَيَكُونُ ذِكْرُ الْعَطَنِ ذِكْرًا لِجَمِيعِ الِانْتِفَاعَاتِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ قَيَّدَ بِالْبَيْعِ لِمَا أَنَّ الْغَالِبَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْبَيْعُ، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾ وَالْوَعِيدُ لَيْسَ بِمَخْصُوصٍ بِالْأَكْلِ، وَلَكِنَّ الْغَالِبَ مِنْ أَمْرِهِ الْأَكْلُ فَأَخْرَجَهُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْغَالِبُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَى أَبُو يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَشْعَبُ بْنُ سَوَّارٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: حَرِيمُ الْبِئْرِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا وَهَاهُنَا وَهَاهُنَا لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فِي حَرِيمِهِ وَفِي مَائِهِ. وَقَوْلُهُ (وَالْعَامُّ الْمُتَّفَقُ عَلَى قَبُولِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>