إنْ خَشَى أَنْ تَفُوتَهُ رَكْعَةٌ وَيُدْرِكَ الْأُخْرَى يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَدْخُلُ) لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْفَضِيلَتَيْنِ (وَإِنْ خَشَى فَوْتَهُمَا دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ) لِأَنَّ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ،
وَقَوْلُهُ: (يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ) أَمَّا إنَّهُ يُصَلِّي وَإِنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ قَامَتْ؛ لِأَنَّ سُنَّةَ الْفَجْرِ مِنْ أَقْوَى السُّنَنِ وَأَفْضَلِهَا، قَالَ ﵊ «صَلُّوهُمَا وَإِنْ طَرَدَتْكُمْ الْخَيْلُ» وَقَالَ ﵊ «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» وَإِدْرَاكُ رَكْعَةٍ مِنْ الْفَجْرِ كَإِدْرَاكِ الْكُلِّ، قَالَ ﵊ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» فَكَانَ جَمْعًا بَيْنَ الْفَضِيلَتَيْنِ.
وَأَمَّا أَنَّهُ يُصَلِّي عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَلِأَنَّهُ لَوْ صَلَّاهُمَا فِي الْمَسْجِدِ كَانَ مُتَنَفِّلًا فِيهِ عِنْدَ اشْتِغَالِ الْإِمَامِ بِالْفَرِيضَةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ مَوْضِعٌ لِلصَّلَاةِ يُصَلِّيهِمَا فِي الْمَسْجِدِ خَلْفَ سَارِيَةٍ مِنْ سِوَارِي الْمَسْجِدِ، وَأَشَدُّهَا كَرَاهَةً أَنْ يُصَلِّيَهُمَا مُخَالِطًا لِلصَّفِّ وَمُخَالِفًا لِلْإِمَامِ وَالْجَمَاعَةِ، وَاَلَّذِي يَلِي ذَلِكَ خَلْفَ الصَّفِّ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّفِّ. وَالْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ لَهَا قِيلَ كَمَا طَلَعَ الْفَجْرُ لِوُجُودِ السَّبَبِ، وَقِيلَ بِقُرْبٍ مِنْ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لَهُ. وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ خُشِيَ فَوْتُهُمَا) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ يَرْجُو إدْرَاكَ الْقَعْدَةِ لَا يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ. وَحُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ إدْرَاكَ التَّشَهُّدِ عِنْدَهُمَا كَإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ أَصْلُهُ مَسْأَلَةُ الْجُمُعَةِ، وَالْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ كَانَ يَقُولُ: يَشْرَعُ فِي السُّنَّةِ فَيَقْطَعُهَا وَيَدْخُلُ مَعَ الْقَوْمِ حَتَّى تَلْزَمَهُ بِالشُّرُوعِ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الْقَضَاءِ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَزَيَّفَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ بِأَنَّ مَا وَجَبَ بِهِ الشُّرُوعُ لَيْسَ بِأَقْوَى مِمَّا وَجَبَ بِالنَّذْرِ، وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ أَنَّ الْمَنْذُورَ لَا يُؤَدَّى بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ الطُّلُوعِ، وَبِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ بِالِافْتِتَاحِ عَلَى قَصْدِ أَنْ يَقْطَعَهَا وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَحْسَنٍ شَرْعًا. وَأَقُولُ: إنْ أَرَادَ الْفَقِيهُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَالتَّزْيِيفُ مُوَجَّهٌ، وَإِنْ أَرَادَ بَعْدَهُ فَلَا، وَالْقَصْدُ لِلْقَطْعِ نَقْضٌ لِلْإِكْمَالِ فَلَا بَأْسَ بِهِ. قَوْلُهُ: (؛ لِأَنَّ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ) لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ ﵊ قَالَ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute