حَرَّمَ الْخَمْرَ؛ وَعَلَيْهِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ، وَلِأَنَّ قَلِيلَهُ يَدْعُو إلَى كَثِيرِهِ وَهَذَا مِنْ خَوَاصِّ الْخَمْرِ، وَلِهَذَا تَزْدَادُ لِشَارِبِهِ اللَّذَّةُ بِالِاسْتِكْثَارِ مِنْهُ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَطْعُومَاتِ
ثُمَّ هُوَ غَيْرُ مَعْلُولٍ عِنْدَنَا حَتَّى لَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَى سَائِرِ الْمُسْكِرَاتِ، وَالشَّافِعِيُّ ﵀ يُعَدِّيهِ إلَيْهَا، وَهَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ وَتَعْلِيلُهُ لِتَعَدِّيهِ الِاسْمَ، وَالتَّعْلِيلُ فِي الْأَحْكَامِ لَا فِي الْأَسْمَاءِ
وَالرَّابِعُ أَنَّهَا نَجِسَةٌ نَجَاسَةً غَلِيظَةً كَالْبَوْلِ لِثُبُوتِهَا بِالدَّلَائِلِ الْقَطْعِيَّةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا
وَالْخَامِسُ أَنَّهُ يَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهَا لِإِنْكَارِهِ الدَّلِيلَ الْقَطْعِيَّ.
وَالسَّادِسُ سُقُوطُ تَقَوُّمِهَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ حَتَّى لَا يَضْمَنَ مُتْلِفُهَا وَغَاصِبُهَا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا نَجَّسَهَا فَقَدْ أَهَانَهَا وَالتَّقَوُّمُ يُشْعِرُ بِعِزَّتِهَا
وَقَالَ ﵊
وُجُودِ حَاتِمٍ، وَيُسَمَّى هَذَا التَّوَاتُرُ بِالْمَعْنَى. وَقَوْلُهُ (وَهَذَا مِنْ خَوَاصِّ الْخَمْرِ) يَعْنِي دُعَاءَ الْقَلِيلِ إلَى الْكَثِيرِ. قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: مَا مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ إلَّا وَلَذَّتُهُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَلَا يَزِيدُ عَلَى اللَّذَّةِ فِي الِانْتِهَاءِ إلَّا الْخَمْرَ، فَإِنَّ اللَّذَّةَ لِشَارِبِهَا تَزْدَادُ بِالِاسْتِكْثَارِ مِنْهَا. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ) يَعْنِي مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ «حُرِّمَتْ الْخَمْرُ لِعَيْنِهَا وَالسُّكْرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ» وَلَمَّا كَانَتْ حُرْمَتُهَا لِعَيْنِهَا لَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِمَعْنَى الْمُخَامَرَةِ لِتَعَدِّيهِ اسْمَهَا إلَى غَيْرِهَا.
وَقَوْلُهُ (حَتَّى لَا يَضْمَنَ مُتْلِفُهَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute