للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَوْتِهِمَا وَلَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا فَيَبْقَى بِحُقُوقِهِ وَأَوْصَافِهِ (وَإِنْ مَاتَ الْوَكِيلُ انْتَقَضَتْ الْوَكَالَةُ وَلَا يَقُومُ وَارِثُهُ وَلَا وَصِيُّهُ مَقَامَهُ)؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَا يَجْرِي فِيهَا الْإِرْثُ، وَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِرَأْيِهِ لَا بِرَأْيِ غَيْرِهِ

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنَّ وَصِيَّ الْوَكِيلِ يَمْلِكُ بَيْعَهُ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَازِمَةٌ فَيَمْلِكُهُ الْوَصِيُّ، كَالْمُضَارِبِ إذَا مَاتَ بَعْدَمَا صَارَ رَأْسُ الْمَالِ أَعْيَانًا يَمْلِكُ وَصِيُّ الْمُضَارِبِ بَيْعَهَا لِمَا أَنَّهُ لَازِمٌ بَعْدَ مَا صَارَ أَعْيَانًا

قُلْنَا: التَّوْكِيلُ حَقٌّ لَازِمٌ لَكِنْ عَلَيْهِ، وَالْإِرْثُ يَجْرِي فِيمَا لَهُ بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّهَا حَقُّ الْمُضَارِبِ (وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَبِيعَهُ إلَّا بِرِضَا الرَّاهِنِ)؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ وَمَا رَضِيَ بِبَيْعِهِ (وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَبِيعَهُ إلَّا بِرِضَا الْمُرْتَهِنِ)؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَحَقُّ بِمَالِيَّتِهِ مِنْ الرَّاهِنِ فَلَا يَقْدِرُ الرَّاهِنُ عَلَى تَسْلِيمِهِ بِالْبَيْعِ

قَالَ (فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَأَبَى الْوَكِيلُ الَّذِي فِي يَدِهِ الرَّهْنُ أَنْ يَبِيعَهُ وَالرَّاهِنُ غَائِبٌ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ) لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِي لُزُومِهِ (وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يُوَكِّلُ غَيْرَهُ بِالْخُصُومَةِ وَغَابَ الْمُوَكِّلُ فَأَبَى أَنْ يُخَاصِمَ أُجْبِرَ عَلَى الْخُصُومَةِ) لِلْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ فِيهِ إتْوَاءَ الْحَقِّ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ يَبِيعُ بِنَفْسِهِ فَلَا يَتْوِي حَقَّهُ، أَمَّا الْمُدَّعِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الدَّعْوَى وَالْمُرْتَهِنُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ بِنَفْسِهِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ التَّوْكِيلُ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ وَإِنَّمَا شُرِطَ بَعْدَهُ قِيلَ لَا يُجْبَرُ اعْتِبَارًا بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ يُجْبَرُ رُجُوعًا إلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، وَهَذَا أَصَحُّ

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْجَوَابَ فِي الْفَصْلَيْنِ وَاحِدٌ، وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُ الْجَوَابِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَفِي الْأَصْلِ

(وَإِذَا بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ، وَالثَّمَنُ قَائِمٌ مَقَامَهُ فَكَانَ رَهْنًا، وَإِنْ لَمْ يُقْبَضْ بَعْدُ) لِقِيَامِهِ مَقَامَ مَا كَانَ مَقْبُوضًا، وَإِذَا تَوَى كَانَ مَالَ الْمُرْتَهِنِ لِبَقَاءِ عَقْدِ الرَّهْنِ فِي الثَّمَنِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمَبِيعِ الْمَرْهُونِ، وَكَذَلِكَ إذَا قُتِلَ الْعَبْدُ الرَّهْنُ وَغَرِمَ الْقَاتِلُ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَالِيَّةُ، وَإِنْ كَانَ بَدَلَ الدَّمِ فَأَخَذَ حُكْمَ ضَمَانِ الْمَالِ فِي حَقِّ الْمُسْتَحِقِّ فَبَقِيَ عَقْدُ الرَّهْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَهُ عَبْدٌ فَدُفِعَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَوَّلِ لَحْمًا وَدَمًا

قَالَ (وَإِنْ بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ فَأَوْفَى

بِمَوْتِهِمَا وَلَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا فَيَبْقَى بِحُقُوقِهِ) الَّتِي هِيَ الْحَبْسُ وَالِاسْتِيفَاءُ وَالْوَكَالَةُ (وَأَوْصَافُهُ) الَّتِي هِيَ اللُّزُومُ وَجَبْرُ الْوَكِيلِ وَحَقُّ بَيْعِ وَلَدِ الرَّهْنِ وَحَقُّ صَرْفِ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَقَوْلُهُ (وَإِذَا مَاتَ الْوَكِيلُ انْتَقَضَتْ الْوَكَالَةُ) يَعْنِي وَالرَّهْنُ بَاقٍ كَمَا كَانَ، لِأَنَّ الرَّهْنَ لَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَمَاتَ لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ بِهِ، فَلَأَنْ لَا يَبْطُلَ بِمَوْتِ الْعَدْلِ أَوْلَى. وَقَوْلُهُ (وَالْإِرْثُ يَجْرِي فِيمَا لَهُ) أَيْ لَا فِيمَا عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَجِبُ عَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ قَضَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى غَيْرِهِ وَرِثُوهُ

وَقَوْلُهُ (أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ) يَعْنِي يُحْبَسُ أَيَّامًا حَتَّى يَبِيعَهُ، فَإِنْ لَجَّ بَعْدَمَا حَبَسَهُ أَيَّامًا ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُ عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى قَوْلِهِمَا ظَاهِرٌ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَبِيعُ قِيَاسًا عَلَى مَالِ الْمَدْيُونِ، وَقَالَ آخَرُونَ: يَبِيعُهُ لِأَنَّ جِهَةَ الْبَيْعِ تَعَيَّنَتْ.

وَقَوْلُهُ (لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْوَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَصْفٌ مِنْ أَوْصَافِهِ وَالْآخَرُ أَنَّ فِيهِ إتْوَاءَ حَقِّهِ. وَقَوْلُهُ (قِيلَ لَا يُجْبَرُ اعْتِبَارًا لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ) ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. وَقَوْلُهُ (أَنَّ الْجَوَابَ فِي الْفَصْلَيْنِ) أَيْ فِيمَا كَانَ مَشْرُوطًا فِي الرَّهْنِ وَفِيمَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ (وَاحِدٌ) أَيْ يُجْبَرُ فِيهِمَا (وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُ الْجَوَابِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ) حَيْثُ قَالَ فِيهِ: إذَا أَتَى الْوَكِيلُ يُجْبَرُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَشْرُوطًا فِي الْعَقْدِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ مُطْلَقًا

وَقَوْلُهُ (فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ) لِأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي وَمِلْكُهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا (وَإِذَا تَوَى كَانَ مَالَ الْمُرْتَهِنِ) بِنَصَبِ مَالٍ عَلَى مَا صَحَّحَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ مَالِ الْمُرْتَهِنِ.

وَقَوْلُهُ (وَغَرِمَ الْقَاتِلُ قِيمَتَهُ) يَعْنِي تَكُونُ الْقِيمَةُ رَهْنًا مَقَامَ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ لِأَنَّ الْمَالِكَ وَهُوَ الْمَوْلَى يَسْتَحِقُّهُ: أَيْ هَذَا الضَّمَانُ مِنْ حَيْثُ الْمَالِيَّةُ، وَإِنْ كَانَ مُقَابَلًا بِالدَّمِ حَتَّى لَا يُزَادَ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ (فَأَخَذَ حُكْمَ ضَمَانِ الْمَالِ فِي حَقِّ الْمُسْتَحِقِّ) وَهُوَ الْمَوْلَى فَيَبْقَى عَقْدُ الرَّهْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>