الدَّيْنُ أَلْفًا وَهَذَا شُيُوعٌ فِي الدَّيْنِ، وَالِالْتِحَاقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي طَرَفِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ وَلَا مَعْقُودٍ بِهِ بَلْ وُجُوبُهُ سَابِقٌ عَلَى الرَّهْنِ، وَكَذَا يَبْقَى بَعْدَ انْفِسَاخِهِ، وَالِالْتِحَاقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فِي بَدَلَيْ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ بَدَلٌ يَجِبُ بِالْعَقْدِ، ثُمَّ إذَا صَحَّتْ الزِّيَادَةُ فِي الرَّهْنِ وَتُسَمَّى هَذِهِ زِيَادَةً قَصْدِيَّةً يُقَسَّمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَوَّلِ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ يَوْمَ قُبِضَتْ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الزِّيَادَةِ يَوْمَ قَبْضِهَا خَمْسَمِائَةٍ، وَقِيمَةُ الْأَوَّلِ يَوْمَ الْقَبْضِ أَلْفًا وَالدَّيْنُ أَلْفًا يُقَسَّمُ الدَّيْنُ أَثْلَاثًا، فِي الزِّيَادَةِ ثُلُثُ الدَّيْنِ، وَفِي الْأَصْلِ ثُلُثَا الدَّيْنِ اعْتِبَارًا بِقِيمَتِهِمَا فِي وَقْتَيْ الِاعْتِبَارِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَثْبُتُ بِالْقَبْضِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقْتَ الْقَبْضِ
(وَإِذَا وَلَدَتْ الْمَرْهُونَةُ وَلَدًا ثُمَّ إنَّ الرَّاهِنَ زَادَ مَعَ الْوَلَدِ عَبْدًا، وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِد أَلْفٌ فَالْعَبْدُ رَهْنٌ مَعَ الْوَلَدِ خَاصَّةً يُقَسَّمُ مَا فِي الْوَلَدِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْعَبْدِ الزِّيَادَةُ)؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ زِيَادَةً مَعَ الْوَلَدِ دُونَ الْأُمِّ (وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مَعَ الْأُمِّ يُقَسَّمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الْأُمِّ يَوْمَ الْعَقْدِ وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ، فَمَا أَصَابَ الْأُمَّ قُسِّمَ عَلَيْهَا وَعَلَى وَلَدِهَا)؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ دَخَلَتْ عَلَى الْأُمِّ
قَالَ (فَإِنْ رَهَنَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفٍ ثُمَّ أَعْطَاهُ عَبْدًا آخَرَ قِيمَتَهُ أَلْفٌ رَهْنًا
أَلْفٌ فَيَكُونُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ كَانَ جَائِزًا، وَلَوْ رَهَنَ ثَوْبًا بِعِشْرِينَ نِصْفُهُ بِعَشَرَةٍ وَنِصْفُهُ بِعَشَرَةٍ لَمْ يَصِحَّ. وَقَوْلُهُ (وَالِالْتِحَاقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ) إفْسَادٌ لِلْجَامِعِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو يُوسُفَ ﵀ وَهُوَ وَاضِحٌ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِالْتِحَاقَ بِأَصْلِ الْعَقْدِ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْ الْمَعْقُودِ بِهِ وَالزِّيَادَةُ فِي الدَّيْنِ لَيْسَتْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، أَمَّا أَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْقُودٍ بِهِ فَلِوُجُوبِهِ بِسَبَبِهِ قَبْلَ عَقْدِ الرَّهْنِ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَحْبُوسًا قَبْلَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَلَا يَبْقَى بَعْدَهُ. وَقَوْلُهُ (وَتُسَمَّى هَذِهِ زِيَادَةً قَصْدِيَّةً) يَعْنِي بِخِلَافِ نَمَاءِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ زِيَادَةً قَصْدِيَّةً بَلْ ضِمْنِيَّةً وَلِهَذَا اخْتَلَفَ حُكْمًا.
وَقَوْلُهُ (وَإِذَا وَلَدَتْ الْمَرْهُونَةُ وَلَدًا) يَعْنِي إذَا رَهَنَ جَارِيَةً بِأَلْفٍ تُسَاوِي أَلْفًا فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَقَالَ الرَّاهِنُ زِدْتُك هَذَا الْعَبْدَ مَعَ الْوَلَدِ رَهْنًا وَهُوَ أَيْضًا يُسَاوِي أَلْفًا جَازَ الْعَقْدُ وَيَكُونُ الْعَبْدُ رَهْنًا مَعَ الْوَلَدِ دُونَ الْأُمِّ، فَيُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ الْفِكَاكِ وَإِلَى قِيمَةِ الْأُمِّ يَوْمَ الْعَقْدِ، فَمَا أَصَابَ الْوَلَدَ قُسِمَ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْفِكَاكِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ، فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ بَعْدَ الزِّيَادَةِ بَطَلَتْ لِأَنَّهُ إذَا هَلَكَ خَرَجَ مِنْ الْعَقْدِ وَصَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَبَطَلَ الْحُكْمُ فِي الزِّيَادَةِ. وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ زِدْتُك هَذَا الْعَبْدَ مَعَ الْأُمِّ قُسِمَ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الْأُمِّ يَوْمَ الْعَقْدِ وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ، فَمَا أَصَابَ الْأُمَّ قُسِمَ عَلَيْهَا وَعَلَى وَلَدِهَا، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ دَخَلَتْ عَلَى الْأُمِّ فَصَارَتْ كَأَنَّهَا كَانَتْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَيَكُونُ الْوَلَدُ دَاخِلًا فِي حِصَّةِ الْأُمِّ خَاصَّةً، فَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ بَعْدَ الزِّيَادَةِ ذَهَبَ مَا كَانَ فِيهَا وَبَقِيَ الْوَلَدُ وَالزِّيَادَةُ نَمَاءٌ فِيهِمَا لِأَنَّ هَلَاكَ الْأُمِّ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ الضَّمَانِ بَلْ يُقَرِّرُهُ فَلَا يَبْطُلُ الْحُكْمُ فِي الزِّيَادَةِ، وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ بَعْدَ الزِّيَادَةِ ذَهَبَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَكَانَ الْعَقْدُ فِي الْأُمِّ وَلَا وَلَدَ مَعَهَا
قَالَ (فَإِنْ رَهَنَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا إلَخْ) كَلَامُهُ وَاضِحٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute