وَلَنَا أَنَّ هَذَا بَعْضُ بَدَلِ الدَّمِ وَكُلَّهُ مُؤَجَّلٌ إلَى ثَلَاثِ سِنِينَ فَكَذَلِكَ بَعْضُهُ، وَالْوَاجِبُ فِي الْيَدِ كُلُّ بَدَلِ الطَّرَفِ وَهُوَ فِي سَنَتَيْنِ فِي الشَّرْعِ وَيَجِبُ فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ عَمْدٌ. .
قَالَ: (وَإِذَا قَتَلَ جَمَاعَةٌ وَاحِدًا عَمْدًا اُقْتُصَّ مِنْ جَمِيعِهِمْ) لِقَوْلِ عُمَرَ ﵁ فِيهِ: لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ،
وَقَوْلُهُ (وَالْوَاجِبُ فِي الْيَدِ) جَوَابُ اعْتِبَارِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ
قَالَ (وَإِذَا قَتَلَ جَمَاعَةٌ وَاحِدًا إلَخْ) إذَا تَعَدَّدَ الْقَاتِلُ اُقْتُصَّ مِنْ جَمِيعِهِمْ، وَالْقِيَاسُ لَا يَقْتَضِيهِ لِانْتِفَاءِ الْمُسَاوَاةِ، لَكِنَّهُ تَرْكٌ بِمَا رُوِيَ أَنَّ سَبْعَةً مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ قَتَلُوا رَجُلًا فَقَضَى عُمَرُ ﵁ بِالْقِصَاصِ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتهمْ. وَالتَّمَالُؤُ التَّعَاوُنُ، وَصَنْعَاءُ الْيَمَنِ: قَصَبَتُهَا. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ أَنَّهُ قَتَلَ ثَلَاثَةً بِوَاحِدٍ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّهُ قَتَلَ جَمَاعَةً بِوَاحِدٍ، وَكَانَتْ الصَّحَابَةُ ﵃ مُتَوَافِرِينَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ فَحَلَّ مَحَلَّ الْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّ الْقَتْلَ بِطَرِيقِ التَّغَالُبِ غَالِبٌ فَإِنَّ الْقَتْلَ بِغَيْرِ حَقٍّ لَا يَتَحَقَّقُ غَالِبًا إلَّا بِالِاجْتِمَاعِ، لِأَنَّ الْوَاحِدَ يُقَاوِمُ الْوَاحِدَ، وَمَا غَلَبَ وُقُوعُهُ مِنْ الْفَسَادِ يُوجِبُ مَزْجَرَةً فَيَجِبُ الْقِصَاصُ تَحْقِيقًا لِحِكْمَةِ الْإِحْيَاءِ، فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ لَمَا عَجَزَ الْمُفْسِدُ عَنْ أَنْ يَجْمَعَ عَلَيْهِ أَمْثَالَهُ وَيَقْتُلَ لِعِلْمِهِ أَنْ لَا قِصَاصَ فَيُؤَدِّيَ إلَى سَدِّ بَابِ الْقِصَاصِ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ الْمَعْقُولِ إنْ لَمْ يَكُنْ قِيَاسًا عَلَى مُجْمَعٍ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي الشَّرْعِ، وَإِنْ كَانَ فَلَا يَرْبُو عَلَى الْقِيَاسِ الْمُقْتَضِي لِعَدَمِهِ الْمُؤَيَّدِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ قِيَاسٌ عَلَى سَائِرِ أَبْوَابِ الْعُقُوبَاتِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى مَا يُوجِبُ الْفَسَادَ مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ، وَيَرْبُو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute