زَجْرًا لَهُ عَنْ التَّهَاوُنِ.
وَلَوْ قَضَى بَعْضَ الْفَوَائِتِ حَتَّى قَلَّ مَا بَقِيَ عَادَ التَّرْتِيبَ عِنْدَ الْبَعْضِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ تَرَكَ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَجَعَلَ يَقْضِي مِنْ الْغَدِ مَعَ كُلِّ وَقْتِيَّةٍ فَائِتَةً فَالْفَوَائِتُ جَائِزَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالْوَقْتِيَّاتُ فَاسِدَةٌ إنْ قَدَّمَهَا لِدُخُولِ الْفَوَائِتِ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ،
زَجْرًا لَهُ عَنْ التَّهَاوُنِ) وَأَنْ لَا تَصِيرَ الْمَعْصِيَةُ وَسِيلَةً إلَى الْيُسْرِ وَالتَّخْفِيفِ.
وَقَوْلُهُ: (وَلَوْ قَضَى بَعْضَ الْفَوَائِتِ) صُورَتُهُ أَنْ يَتْرُكَ الرَّجُلُ صَلَاةَ شَهْرٍ ثُمَّ يَقْضِيَهَا إلَّا صَلَاةً أَوْ صَلَاتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى صَلَاةً دَخَلَ وَقْتُهَا وَهُوَ ذَاكِرٌ لِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ هَلْ تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ أَوْ لَمْ تَجُزْ؟ عَنْ مُحَمَّدٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَمَالَ إلَى عَدَمِ الْجَوَازِ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَالْمُصَنِّفُ، وَمَالَ إلَى الْجَوَازِ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ، وَاخْتَارَهُ مِنْ الْمَشَايِخِ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ وَقَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّرْتِيبَ قَدْ سَقَطَ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ كَمَاءٍ نَجِسٍ قَلِيلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْجَارِي حَتَّى كَثُرَ وَسَالَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْقِلَّةِ لَا يَصِيرُ نَجِسًا. قَالَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْأَوَّلِ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) يَعْنِي دِرَايَةً وَرِوَايَةً. أَمَّا دِرَايَةً فَلِأَنَّ عِلَّةَ السُّقُوطِ الْكَثْرَةُ الْمُفْضِيَةُ إلَى الْحَرَجِ وَلَمْ يَبْقَ بِالْعَوْدِ إلَى الْقِلَّةِ وَالْحُكْمُ يَنْتَهِي بِانْتِهَاءِ عِلَّتِهِ فَكَانَ كَحَقِّ الْحَضَانَةِ إذَا سَقَطَ بِالتَّزَوُّجِ ثُمَّ ارْتَفَعَتْ الزَّوْجِيَّةُ فَإِنَّ الْحَقَّ يَعُودُ، وَأَمَّا رِوَايَةً فَلِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ تَرَكَ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَجَعَلَ: أَيْ شَرَعَ يَقْضِي مِنْ الْغَدِ مَعَ كُلِّ وَقْتِيَّةٍ فَائِتَةً فَالْفَوَائِتُ جَائِزَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ: يَعْنِي سَوَاءٌ قَدَّمَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute