وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهَا لِأَنَّهَا تَقَعُ قَتْلًا فِي الْغَالِبِ لَا جِنَايَةً مُقْتَصِرَةً مُنْفَرِدَةً بِحُكْمٍ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ هَذِهِ الشِّجَاجُ تَخْتَصُّ بِالْوَجْهِ وَالرَّأْسِ لُغَةً، وَمَا كَانَ فِي غَيْرِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ يُسَمَّى جِرَاحَةً، وَالْحُكْمُ مُرَتَّبٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ فِي الصَّحِيحِ، حَتَّى لَوْ تَحَقَّقَتْ فِي غَيْرِهِمَا نَحْوُ السَّاقِ وَالْيَدِ لَا يَكُونُ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، وَإِنَّمَا تَجِبُ حُكُومَةُ الْعَدْلِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِالتَّوْقِيفِ وَهُوَ إنَّمَا وَرَدَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِمَا، وَلِأَنَّهُ إنَّمَا وَرَدَ الْحُكْمُ فِيهَا لِمَعْنَى الشَّيْنِ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِبَقَاءِ أَثَرِ الْجِرَاحَةِ، وَالشَّيْنُ يَخْتَصُّ بِمَا يَظْهَرُ مِنْهَا فِي الْغَالِبِ وَهُوَ الْعُضْوَانِ هَذَانِ لَا سِوَاهُمَا. وَأَمَّا اللَّحْيَانِ فَقَدْ قِيلَ لَيْسَا مِنْ الْوَجْهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، حَتَّى لَوْ وُجِدَ فِيهِمَا مَا فِيهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ لَا يَجِبُ الْمُقَدَّرُ. وَهَذَا لِأَنَّ الْوَجْهَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْمُوَاجِهَةِ، وَلَا مُوَاجِهَةَ لِلنَّاظِرِ فِيهِمَا إلَّا أَنَّ عِنْدَنَا هُمَا مِنْ الْوَجْهِ لِاتِّصَالِهِمَا بِهِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلَةٍ، وَقَدْ يَتَحَقَّقُ فِيهِ مَعْنَى الْمُوَاجِهَةِ أَيْضًا.
إذَا اتَّصَلَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، فَالْمُتَلَاحِمَةُ مَا تُظْهِرُ اللَّحْمَ وَلَا تَقْطَعُهُ، وَالْبَاضِعَةُ بَعْدَهَا لِأَنَّهَا تَقْطَعُهُ
وَقَوْلُهُ (وَأَمَّا اللَّحْيَانِ) يُرِيدُ بِهِ الْعَظْمَ الَّذِي تَحْتَ الذَّقَنِ. وَقَوْلُهُ (وَقَدْ تَحَقَّقَ فِيهِ مَعْنَى الْمُوَاجَهَةِ) قِيلَ عَلَيْهِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ غَسْلُهُمَا فَرْضًا فِي الطَّهَارَةِ.
وَأُجِيبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute