للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَدَّرَهَا بِسِتِّمِائَةٍ نَحْوُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ (وَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ) عِنْدَنَا إذَا كَانَتْ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ.

فَقَالَ: فِيهِ غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ فَقَالَ السَّائِلُ: وَلِمَ وَالْحَالُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنَّهُ مَاتَ بِضَرْبَةٍ أَوْ لَمْ تُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ، فَإِنْ مَاتَ بِضَرْبَةٍ تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَإِنْ لَمْ تُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، فَسَكَتَ زُفَرُ، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: أَعْتَقْتُك سَائِبَةً، فَجَاءَ زُفَرُ إلَى أَبِي يُوسُفَ فَسَأَلَهُ عَنْهُ فَأَجَابَهُ أَبُو يُوسُفَ بِمِثْلِ مَا أَجَابَ زُفَرُ. فَحَاجَّهُ بِمِثْلِ مَا حَاجَّهُ السَّائِلُ فَقَالَ: التَّعَبُّدُ التَّعَبُّدُ: أَيْ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْرَكَ بِالْعَقْلِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَ زُفَرَ هُوَ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ. وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: قَوْلُهُ وَجْهُ الْقِيَاسِ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ رَجَعَ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ، وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ مُقَدَّرَةٌ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ. قِيلَ وَإِنَّمَا بَيَّنَ الشَّارِعُ الْقِيمَةَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ ثُبُوتًا صَحِيحًا إلَّا مِنْ حَيْثُ اعْتِبَارُ صِفَةِ الْمَالِيَّةِ.

وَقَوْلُهُ (إذَا كَانَ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ) قِيلَ قَيَّدَ بِهِ احْتِرَازًا عَنْ جَنِينِ الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ لَا تَبْلُغُ خَمْسَمِائَةٍ. وَرُدَّ بِأَنَّ مَا يَجِبُ فِي جَنِينُ الْأَمَةِ هُوَ فِي مَالِ الضَّارِبِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالْبُلُوغِ إلَى خَمْسِمِائَةٍ عَلَى مَا سَيَجِيءُ. وَقِيلَ لَعَلَّهُ وَقَعَ سَهْوًا مِنْ الْكَاتِبِ وَكَانَ فِي الْأَصْلِ إذْ كَانَ خَمْسَمِائَةٍ تَعْلِيلًا لِكَوْنِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>