(وَيَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى) لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّ فِي الْجَنِينِ إنَّمَا ظَهَرَ التَّفَاوُتُ لِتَفَاوُتِ مَعَانِي الْآدَمِيَّةِ وَلَا تَفَاوُتَ فِي الْجَنِينِ فَيُقَدَّرُ بِمِقْدَارٍ وَاحِدٍ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ.
(فَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) لِأَنَّهُ أَتْلَفَ حَيًّا بِالضَّرْبِ السَّابِقِ (وَإِنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ بِقَتْلِ الْأُمِّ وَغُرَّةٌ بِإِلْقَائِهَا) وَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ ﵊ قَضَى فِي هَذَا بِالدِّيَةِ وَالْغُرَّةِ» (وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ مِنْ الضَّرْبَةِ ثُمَّ خَرَجَ الْجَنِينُ بَعْدَ ذَلِكَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ فِي الْأُمِّ وَدِيَةٌ فِي الْجَنِينِ) لِأَنَّهُ قَاتِلُ شَخْصَيْنِ (وَإِنْ مَاتَتْ ثُمَّ أَلْقَتْ مَيِّتًا فَعَلَيْهِ دِيَةٌ فِي الْأُمِّ وَلَا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَجِبُ الْغُرَّةُ فِي الْجَنِينِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَوْتُهُ بِالضَّرْبِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَلْقَتْهُ مَيِّتًا وَهِيَ حَيَّةٌ. وَلَنَا أَنَّ مَوْتَ الْأُمِّ أَحَدُ سَبَبَيْ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ يَخْتَنِقُ بِمَوْتِهَا إذْ تَنَفُّسُهُ بِتَنَفُّسِهَا فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِالشَّكِّ. قَالَ (وَمَا يَجِبُ
فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى مَا يَجِيءُ فِي الْمَعَاقِلِ. وَقَوْلُهُ (وَيَسْتَوِي فِيهِ) أَيْ فِي وُجُوبِ قَدْرِ الْغُرَّةِ بِأَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا وَهُوَ قَوْلُهُ ﷺ «فِي الْجَنِينِ غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ» وَقَوْلُهُ (وَلِأَنَّ فِي الْحَيَّيْنِ) دَلِيلٌ مَعْقُولٌ عَلَى التَّسَاوِي بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي الْوَلَدَيْنِ الْمُنْفَصِلَيْنِ فِي الدِّيَةِ لِتَفَاوُتِ مَعَانِي الْآدَمِيَّةِ فِي الْمَالِكِيَّةِ فَإِنَّ الذَّكَرَ مَالِكٌ مَالًا وَنِكَاحًا وَالْأُنْثَى مَالِكَةٌ مَالًا مَمْلُوكَةٌ نِكَاحًا فَكَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فِيمَا هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْآدَمِيَّةِ وَهُوَ مَعْدُومٌ فِي الْجَنِينِ فَيَتَقَدَّرُ بِمِقْدَارٍ وَاحِدٍ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ) أَوَّلُ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ الْعَقْلِيَّةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الضَّرْبِ، وَهِيَ أَنَّ خُرُوجَ الْجَنِينِ مِنْ الْأُمِّ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَالِ حَيَاتِهِمَا أَوْ فِي حَالِ مَمَاتِهِمَا أَوْ فِي حَالِ حَيَاةِ الْأُمِّ وَمَمَاتِ الْجَنِينِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ، وَالْأَقْسَامُ مَعَ أَحْكَامِهَا مَذْكُورَةٌ فِي الْكِتَابِ. وَقَوْلُهُ (فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِالشَّكِّ) اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الشَّكَّ ثَابِتٌ فِيمَا إذَا أَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ مِنْ الضَّرْبِ وَاحْتِمَالُ أَنَّهُ لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ، وَمَعَ ذَلِكَ وَجَبَ الضَّمَانُ وَهُوَ أَوَّلُ مَا ذَكَرَ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغُرَّةَ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَلَيْسَ مَا نَحْنُ فِيهِ فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّ فِيهِ الِاحْتِمَالَ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ وُجُوهٍ وَهِيَ احْتِمَالُ عَدَمِ نَفْخِ الرُّوحِ وَالْمَوْتُ بِسَبَبِ انْقِطَاعِ الْغِذَاءِ بِسَبَبِ مَوْتِ الْأُمِّ وَبِسَبَبِ تَخْنِيقِ الرَّحِمِ وَغَمِّ الْبَطْنِ فَلَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ لَا قِيَاسًا وَلَا دَلَالَةً فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِ الضَّمَانِ.
قَالَ (وَمَا يَجِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute