هُنَاكَ يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ لِأَنَّ الذَّابِحَ مُبَاشِرٌ وَالْآمِرُ مُسَبِّبٌ وَالتَّرْجِيحُ لِلْمُبَاشَرَةِ فَيَضْمَنُ الْمَأْمُورُ وَيَرْجِعُ الْمَغْرُورُ، وَهُنَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ابْتِدَاءً لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسَبِّبٌ وَالْأَجِيرُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ وَالْمُسْتَأْجِرُ مُتَعَدٍّ فَيُرَجَّحُ جَانِبُهُ (وَإِنْ عَلِمُوا ذَلِكَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأُجَرَاءِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ أَمْرُهُ بِمَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ وَلَا غُرُورَ فَبَقِيَ الْفِعْلُ مُضَافًا إلَيْهِمْ (وَإِنْ قَالَ لَهُمْ: هَذَا فِنَائِي وَلَيْسَ لِي فِيهِ حَقُّ الْحَفْرِ فَحَفَرُوا وَمَاتَ فِيهِ إنْسَانٌ) فَالضَّمَانُ
شَاةٍ ظَهَرَ فِيهَا اسْتِحْقَاقُ الْغَيْرِ، إلَّا أَنَّ هُنَاكَ يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ لِكَوْنِهِ مُبَاشِرًا، وَكَوْنُ الْآمِرِ مُسَبِّبًا وَالتَّرْجِيحُ لِلْمُبَاشَرَةِ فَيَضْمَنُ وَيَرْجِعُ لِلْغُرُورِ، وَهَاهُنَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ابْتِدَاءً لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسَبِّبٌ وَالْأَجِيرُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ وَالْمُسْتَأْجِرُ مُتَعَدٍّ فَيُرَجَّحُ جَانِبُهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأُجَرَاءِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْأَمْرِ بِمَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ فَلَا يُنْقَلُ فِعْلُهُمْ إلَيْهِ وَلَيْسُوا بِمَغْرُورِينَ فَيَنْتَفِي الضَّمَانُ عَنْهُمْ فَبَقِيَ الْفِعْلُ مُضَافًا إلَيْهِمْ. وَفِي عِبَارَتِهِ تَسَامُحٌ لِأَنَّ صِحَّةَ الْأَمْرِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَا تَحْتَاجُ إلَى كَوْنِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي مِلْكِهِ حَتَّى يَصِحَّ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ أَمْرُهُ بِمَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ، بَلْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ: لِأَنَّ الْأَمْرَ لَمْ يَصِحَّ ظَاهِرًا حَيْثُ عَلِمُوا، وَطُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ الْأَمْرِ بِإِشْرَاعِ الْجَنَاحِ، فَإِنَّ الْأُجَرَاءَ هُنَاكَ إذَا لَمْ يَعْلَمُوا ضَمِنُوا وَرَجَعُوا عَلَى الْآمِرِ وَهَا هُنَا لَمْ يَضْمَنُوا أَصْلًا.
وَالْجَوَابُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي ذَبْحِ شَاةِ غَيْرِهِ بِأَنَّ الذَّابِحَ مُبَاشِرٌ وَالْآمِرَ مُسَبِّبٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ إشْرَاعَ الْجَنَاحِ كَذَبْحِ الشَّاةِ إذَا ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُهَا (وَإِنْ قَالَ لَهُمْ هَذَا فِنَائِي) ظَاهِرٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute