للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا كَانَتْ فِي فَوْرِهَا الَّذِي نَخَسَهَا) لِأَنَّ سَيْرَهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مُضَافٌ إلَيْهِمَا، وَالْإِذْنُ يَتَنَاوَلُ فِعْلَهُ مِنْ حَيْثُ السَّوْقُ وَلَا يَتَنَاوَلُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إتْلَافٌ، فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ، وَالرُّكُوبُ وَإِنْ كَانَ عِلَّةً لِلْوَطْءِ فَالنَّخْسُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ بَلْ هُوَ شَرْطٌ أَوْ عِلَّةٌ لِلسَّيْرِ وَالسَّيْرُ عِلَّةٌ لِلْوَطْءِ وَبِهَذَا لَا يَتَرَجَّحُ صَاحِبُ الْعِلَّةِ، كَمَنْ جَرَحَ إنْسَانًا فَوَقَعَ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا غَيْرُهُ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَمَاتَ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا لِمَا أَنَّ الْحَفْرَ شَرْطُ عِلَّةٍ أُخْرَى دُونَ عِلَّةِ الْجُرْحِ كَذَا هَذَا. ثُمَّ قِيلَ: يَرْجِعُ النَّاخِسُ عَلَى الرَّاكِبِ بِمَا ضَمِنَ فِي الْإِيطَاءِ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ بِأَمْرِهِ. وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِيمَا أَرَاهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِيطَاءِ وَالنَّخْسُ يَنْفَصِلُ عَنْهُ، وَصَارَ كَمَا إذَا أَمَرَ صَبِيًّا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ بِتَسْيِيرِهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا وَمَاتَ حَتَّى ضَمَّنَ عَاقِلَةَ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ عَلَى الْآمِرِ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالتَّسْيِيرِ وَالْإِيطَاءُ يَنْفَصِلُ عَنْهُ، وَكَذَا إذَا نَاوَلَهُ سِلَاحًا فَقَتَلَ بِهِ آخَرَ حَتَّى ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ، ثُمَّ النَّاخِسُ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ الْإِيطَاءُ فِي فَوْرِ النَّخْسِ حَتَّى يَكُونَ السَّوْقُ مُضَافًا إلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي فَوْرِ ذَلِكَ فَالضَّمَانُ عَلَى الرَّاكِبِ لِانْقِطَاعِ أَثَرِ النَّخْسِ فَبَقِيَ السَّوْقُ مُضَافًا إلَى الرَّاكِبِ عَلَى الْكَمَالِ.

(وَمَنْ قَادَ دَابَّةً فَنَخَسَهَا رَجُلٌ فَانْفَلَتَتْ مِنْ يَدِ الْقَائِدِ فَأَصَابَتْ فِي فَوْرِهَا فَهُوَ عَلَى النَّاخِسِ وَكَذَا إذَا كَانَ لَهَا سَائِقٌ فَنَخَسَهَا غَيْرُهُ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَيْهِ، وَالنَّاخِسُ إذَا كَانَ عَبْدًا فَالضَّمَانُ فِي رَقَبَتِهِ، وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا فَفِي مَالِهِ لِأَنَّهُمَا مُؤَاخَذَانِ بِأَفْعَالِهِمَا) وَلَوْ نَخَسَهَا شَيْءٌ مَنْصُوبٌ فِي الطَّرِيقِ

وَقَوْلُهُ (مُضَافٌ إلَيْهِمَا) أَيْ إلَى الرَّاكِبِ وَالنَّاخِسِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إلَيْهَا: أَيْ إلَى النَّخْسَةِ. وَقَوْلُهُ (وَلَا يَتَنَاوَلُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إتْلَافٌ) لِوُجُودِ انْفِصَالِ السَّوْقِ عَنْ الْإِتْلَافِ فَلَيْسَ عَيْنَهُ وَلَا مِنْ ضَرُورَاتِهِ. وَقَوْلُهُ (يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النَّاخِسِ لِأَنَّ الرَّاكِبَ أَذِنَ لَهُ بِالسَّوْقِ لَا بِالْإِيطَاءِ وَالْإِتْلَافِ. وَقَوْلُهُ (وَالرُّكُوبُ وَإِنْ كَانَ عِلَّةً) جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْرِيرُهُ الرَّاكِبُ صَاحِبُ عِلَّةٍ لِلْوَطْءِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ رِجْلَ الدَّابَّةِ فِي الْوَضْعِ وَالرَّفْعِ فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ فِعْلِ رِجْلِهِ حَقِيقَةً، وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ دُونَ النَّاخِسِ، وَالنَّاخِسُ صَاحِبُ شَرْطٍ فِي حَقِّ فِعْلِ الْوَطْءِ، وَالْإِضَافَةُ إلَى الْعِلَّةِ أَوْلَى. وَوَجْهُهُ أَنَّ الرُّكُوبَ وَإِنْ كَانَ عِلَّةً لِلْوَطْءِ لَكِنَّ النَّخْسَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ لِتَأَخُّرِهِ عَنْ الرُّكُوبِ، بَلْ هُوَ شَرْطٌ أَوْ عِلَّةٌ لِلسَّيْرِ وَالسَّيْرُ عِلَّةٌ لِلْوَطْءِ، فَكَانَ الْوَطْءُ ثَابِتًا بِعِلَّتَيْنِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، وَقَدْ مَثَّلَ لِذَلِكَ بِمَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ وَاضِحٌ.

وَقَوْلُهُ (وَصَارَ كَمَا إذَا أَمَرَ صَبِيًّا يَسْتَمْسِكُ) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَمْسِكْ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ، أَمَّا عَلَى الصَّبِيِّ فَلِأَنَّ مَسْكَهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَمْلِ عَلَى الدَّابَّةِ فَلَا يُضَافُ السَّيْرُ إلَيْهِ وَأَمَّا عَلَى الرَّجُلِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يُسَيِّرْهَا، وَإِذَا لَمْ يُضَفْ سَيْرُهَا إلَى أَحَدٍ كَانَتْ مُنْفَلِتَةً وَفِعْلُهَا جُبَارٌ.

وَقَوْلُهُ (وَالنَّاخِسُ إذَا كَانَ عَبْدًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>