للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا إذَا قَالَ لِآخَرَ بِعْتنِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِكَذَا فَقَالَ الْمَوْلَى زَوَّجْتهَا مِنْك لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلِأَنَّ الْإِعْتَاقَ قَاطِعٌ لِلسَّرَايَةِ، وَبِانْقِطَاعِهَا يَبْقَى الْجُرْحُ بِلَا سِرَايَةٍ وَالسِّرَايَةُ بِلَا قَطْعٍ فَيَمْتَنِعُ الْقِصَاصُ. وَلَهُمَا أَنَّا تَيَقَّنَّا بِثُبُوتِ الْوِلَايَةِ لِلْمَوْلَى فَيَسْتَوْفِيَا

يَعْنِي فِي الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِالشُّبُهَاتِ فَإِنَّهُ يُحْتَرَزُ بِهَذَا عَمَّنْ قَالَ لِآخَرَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ قَرْضٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَا بَلْ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْمَالِ وَإِنْ اخْتَلَفَ السَّبَبُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْأَمْوَالُ مِمَّا يَقَعُ الْبَدَلُ وَالْإِبَاحَةُ فِيهَا فَلَا يُبَالَى بِاخْتِلَافِ السَّبَبِ، كَذَا فِي الشُّرُوحِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الِاحْتِرَازَ بِاَلَّذِي لَا يَثْبُتُ بِالشُّبُهَاتِ إنَّمَا يَكُونُ عَمَّا يَثْبُتُ بِالشُّبُهَاتِ، وَالْأَمْوَالُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَسَّرَ مَا يُحْتَاطُ فِيهِ بِالدِّمَاءِ وَالْفُرُوجِ فَإِنَّهُ اسْتَشْهَدَ بَعْدَهُ بِحِلِّ الْوَطْءِ وَهُوَ مِمَّا يَثْبُتُ بِالشُّبُهَاتِ، أَوْ يُفَسَّرُ بِاَلَّذِي لَا يَجْرِي فِيهِ الْبَدَلُ، وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الْأَوَّلِ.

وَقَوْلُهُ (؛ وَلِأَنَّ الْإِعْتَاقَ قَاطِعٌ لِلسِّرَايَةِ) دَلِيلٌ آخَرُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ يُصَيِّرُ النِّهَايَةَ مُخَالِفَةً لِلْبِدَايَةِ، وَذَلِكَ يَمْنَعُ الْقِصَاصَ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ جَرَحَ عَبْدَ إنْسَانٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ مِنْ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَلَا الْقِيمَةُ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ، فَإِنْ كَانَ خَطَأً فَبِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا. فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ وَهُوَ مُخَالَفَةُ النِّهَايَةِ لِلْبِدَايَةِ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا وَبِانْقِطَاعِهِمَا يَبْقَى الْجَرْحُ بِلَا سِرَايَةٍ، وَالسِّرَايَةُ بِلَا قَطْعٍ فَيَمْتَنِعُ الْقِصَاصُ كَأَنَّهُ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ.

فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ أَرْشُ الْيَدِ لِلْمَوْلَى لِكَوْنِهِ جَرْحًا بِلَا سِرَايَةٍ. أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ نَظَرًا إلَى حَقِيقَةِ الْجِنَايَةِ وَهُوَ الْقَتْلُ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَرَى تَبَيَّنَ أَنَّ الْجِنَايَةَ قَتْلٌ لَا قَطْعٌ (وَلَهُمَا أَنَّا تَيَقَّنَّا) ثُبُوتَ وِلَايَةِ الِاسْتِيفَاءِ فِي الْعَمْدِ لِلْمَوْلَى فَيَسْتَوْفِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>