الدِّيَةَ عَلَيْهِمْ لِوُجُودِ الْقَتِيلِ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ» وَلِأَنَّ الْيَمِينَ حُجَّةٌ لِلدَّفْعِ دُونَ الِاسْتِحْقَاقِ وَحَاجَةُ الْوَلِيِّ إلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَلِهَذَا لَا يَسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ الْمَالَ الْمُبْتَذَلَ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ بِهِ النَّفْسَ الْمُحْتَرَمَةَ. وَقَوْلُهُ يَتَخَيَّرُهُمْ الْوَلِيُّ إشَارَةً إلَى أَنَّ خِيَارَ تَعْيِينِ الْخَمْسِينَ إلَى الْوَلِيِّ لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقُّهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْتَارُ مِنْ يَتَّهِمُهُ بِالْقَتْلِ أَوْ يَخْتَارُ صَالِحِي أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لِمَا أَنَّ تَحَرُّزَهُمْ عَنْ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ أَبْلَغُ التَّحَرُّزِ فَيَظْهَرُ الْقَاتِلُ، وَفَائِدَةُ الْيَمِينِ النُّكُولُ، فَإِنْ كَانُوا لَا يُبَاشِرُونَ وَيَعْلَمُونَ يُفِيدُ يَمِينَ الصَّالِحِ عَلَى الْعِلْمِ بِأَبْلَغَ مِمَّا يُفِيدُ يَمِينُ الطَّالِحِ، وَلَوْ اخْتَارُوا أَعْمَى أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ جَازَ لِأَنَّهُ يَمِينٌ وَلَيْسَ بِشَهَادَةٍ.
قَالَ (وَإِذَا حَلَفُوا قَضَى عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِالدِّيَةِ وَلَا يُسْتَحْلَفُ الْوَلِيُّ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَجِبُ الدِّيَةُ لِقَوْلِهِ ﵊ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ ﵁ «تُبَرِّئُكُمْ الْيَهُودُ بِأَيْمَانِهَا» وَلِأَنَّ
كَلَامِهِ وَاضِحٌ، وَقَوْلُهُ (؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ وَلَيْسَ بِشَهَادَةٍ) يُحْتَرَزُ عَنْ اللِّعَانِ حَيْثُ لَا يَجْرِي اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا لِمَا أَنَّ اللِّعَانَ شَهَادَةٌ وَالْأَعْمَى وَالْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ أَدَائِهَا. قَوْلُهُ (وَإِذَا حَلَفُوا قُضِيَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ) أَيْ عَلَى عَاقِلَةِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ (بِالدِّيَةِ) فِي ثَلَاثِ سِنِينَ.
وَقَوْلُهُ «تُبَرِّئُكُمْ الْيَهُودُ بِأَيْمَانِهِمْ» قِصَّتُهُ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَهْلٍ وَحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجُوا فِي التِّجَارَةِ إلَى خَيْبَرَ وَتَفَرَّقُوا لِحَوَائِجِهِمْ؛ فَوَجَدُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَتِيلًا فِي قَلِيبٍ مِنْ خَيْبَرَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ، فَجَاءُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِيُخْبِرُوهُ، فَأَرَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَهُوَ أَخُو الْقَتِيلِ أَنْ يَتَكَلَّمَ، فَقَالَ ﷺ: الْكُبْرُ الْكُبْرُ، فَتَكَلَّمَ أَحَدُ عَمَّيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute