للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ) لِأَنَّهَا وَاجِبَاتٌ لِأَنَّهُ وَاظَبَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَرْكِهَا مَرَّةً وَهِيَ أَمَارَةُ الْوُجُوبِ وَلِأَنَّهَا تُضَافُ إلَى جَمِيعِ الصَّلَاةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ خَصَائِصِهَا وَذَلِكَ بِالْوُجُوبِ ثُمَّ ذِكْرُ التَّشَهُّدِ يَحْتَمِلُ الْقَعْدَةَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ وَالْقِرَاءَةَ فِيهِمَا وَكُلُّ ذَلِكَ وَاجِبٌ، وَفِيهَا سَجْدَةٌ هُوَ الصَّحِيحُ.

(وَلَوْ جَهَرَ الْإِمَامُ فِيمَا يُخَافِتُ أَوْ خَافَتْ فِيمَا يَجْهَرُ تَلْزَمُهُ سَجْدَتَا السَّهْوِ) لِأَنَّ الْجَهْرَ فِي مَوْضِعِهِ وَالْمُخَافَتَةَ فِي مَوْضِعِهَا مِنْ الْوَاجِبَاتِ

فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ (أَوْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ) تَجِبُ السَّجْدَةُ (لِأَنَّهَا وَاجِبَاتٌ لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَرْكٍ وَهِيَ مِنْ أَمَارَاتِ الْوُجُوبِ) وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهَا تَجِبُ لِتَرْكِ وَاجِبٍ (وَلِأَنَّهَا تُضَافُ إلَى جَمِيعِ الصَّلَاةِ) يُقَالُ: تَكْبِيرَاتُ صَلَاةِ الْعِيدِ وَقُنُوتُ الْوِتْرِ وَتَشَهُّدُ الصَّلَاةِ (فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ خَصَائِصِ الصَّلَاةِ)؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ دَلِيلُ الِاخْتِصَاصِ، وَالِاخْتِصَاصُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ اخْتِصَاصَ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ يَقْتَضِي وُجُودَهُ مَعَهُ، وَالْوُجُوبُ طَرِيقٌ لِلْوُجُودِ، وَالْخَصَائِصُ جَمْعُ خِصِّيصَةٍ بِمَعْنَى الْمُخَاصِّ كَالشَّرِيكِ بِمَعْنَى الْمُشَارِكِ. وَقَوْلُهُ: (وَكُلُّ ذَلِكَ) أَيْ كُلُّ الْمَذْكُورِ مِنْ الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا (وَاجِبٌ فِيهَا سَجْدَةٌ) وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ إطْلَاقَ الْوَاجِبِ عَلَى الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ سَهْوٌ؛ لِأَنَّهَا فَرِيضَةٌ تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَرْكِهَا تَأْخِيرُهَا بِالْقِيَامِ إلَى الْخَامِسَةِ، فَإِنَّ فِي التَّأْخِيرِ نَوْعَ تَرْكٍ، وَتَأْخِيرُ الرُّكْنِ يُوجِبُ السَّجْدَةَ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَشَّى بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْوَاجِبِ الْفَرْضَ وَالْوَاجِبُ وَبِالتَّرْكِ التَّأْخِيرُ وَالتَّرْكُ، وَفِي ذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي مَوْضِعَيْنِ. وَقِيلَ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: تَجُوزُ صَلَاتُهُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ، أَيْ تَتِمُّ صَلَاتُهُ بِدُونِ الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ. وَقِيلَ الْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ وَاجِبَةٌ بِحَسَبِ الْكَيْفِيَّةِ: أَيْ عَدَمُ تَأْخِيرِهَا وَاجِبٌ، فَإِذَا أُخِّرَتْ فَقَدْ تَرَكَ هَذَا الْوَاجِبَ وَفِيهِ تَمَحُّلٌ كَمَا تَرَى. وَقَوْلُهُ: (وَهُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَمَّا قِيلَ قِرَاءَةُ التَّشَهُّدِ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى سُنَّةٌ وَهُوَ وَجْهُ الْقِيَاسِ، وَوَجْهُ الصِّحَّةِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمُوَاظَبَةِ بِلَا تَرْكٍ.

وَقَوْلُهُ: (؛ لِأَنَّ الْجَهْرَ فِي مَوْضِعِهِ وَالْمُخَافَتَةَ فِي مَوْضِعِهَا مِنْ الْوَاجِبَاتِ)؛ لِأَنَّ الْجَهْرَ فِيمَا يُجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ عَلَى الْإِمَامِ وَاجِبٌ لِيَسْتَمِعَ الْقَوْمُ لِقِرَاءَتِهِ لِكَوْنِهَا أُقِيمَتْ مَقَامَ قِرَاءَتِهِمْ لِوُجُودِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الِاسْتِمَاعُ، وَلَمَّا قَامَتْ مَقَامَهَا وَجَبَ أَنْ تَكُونَ فَرْضًا لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ انْحِطَاطِ مَرْتَبَةِ الْفَرْعِ عَنْ مَرْتَبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>