للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ عَلَى دَابَّةٍ يَسُوقُهَا رَجُلٌ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ دُونَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ) لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ فِي دَارِهِ، وَكَذَا إذَا كَانَ قَائِدَهَا أَوْ رَاكِبَهَا (فَإِنْ اجْتَمَعُوا فَعَلَيْهِمْ) لِأَنَّ الْقَتِيلَ فِي أَيْدِيهِمْ فَصَارَ كَمَا إذَا وُجِدَ فِي دَارِهِمْ.

قَالَ (وَإِنْ مَرَّتْ دَابَّةٌ بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ وَعَلَيْهَا قَتِيلٌ فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِهِمَا) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ أُتِيَ بِقَتِيلٍ وُجِدَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ فَأَمَرَ أَنْ يُذْرَعَ». وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ لَمَّا كُتِبَ إلَيْهِ فِي الْقَتِيلِ الَّذِي وُجِدَ بَيْنَ وَدَاعَةَ وَأَرْحَبَ كَتَبَ بِأَنْ يَقِيسَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ، فَوُجِدَ الْقَتِيلُ إلَى وَادِعَةَ أَقْرَبَ فَقَضَى عَلَيْهِمْ بِالْقَسَامَةِ. قِيلَ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَبْلُغُ أَهْلَهُ الصَّوْتُ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ فَتُمْكِنُهُمْ النُّصْرَةُ وَقَدْ قَصَّرُوا.

قَالَ (وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ إنْسَانٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الدَّارَ فِي يَدِهِ (وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) لِأَنَّ نُصْرَتَهُ مِنْهُمْ وَقُوَّتَهُ بِهِمْ.

مِنْ حَالِ تَامِّ الْخَلْقِ أَنْ يَنْفَصِلَ حَيًّا، وَأَمَّا إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا وَلَا أَثَرَ بِهِ فَلَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ لَا يَفُوقُ حَالَ الْكَبِيرِ؛ فَإِذَا وُجِدَ الْكَبِيرُ مَيِّتًا وَلَا أَثَرَ بِهِ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ فَكَذَا هَذَا، وَهَذَا كَمَا تَرَى مَعَ تَطْوِيلِهِ لَمْ يَرُدَّ السُّؤَالَ، وَرُبَّمَا قَوَّاهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إذَا لَمْ يَكُنْ حُجَّةً لِلِاسْتِحْقَاقِ فِي الْأَمْوَالِ وَمَا يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكُهَا فَلَأَنْ لَا يَكُونَ فِيمَا هُوَ أَعْظَمُ خَطَرًا أَوْلَى. وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: الظَّاهِرُ هَاهُنَا أَيْضًا اُعْتُبِرَ دَافِعًا لِمَا عَسَى يَدَّعِي الْقَاتِلُ عَدَمَ حَيَاتِهِ. وَأَمَّا دَلِيلُ الِاسْتِحْقَاقِ فَهُوَ حَدِيثُ حَمَلِ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُهُ «أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الْكُهَّانِ، قُومُوا فَدُوهُ»

قَالَ (وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ عَلَى دَابَّةٍ يَسُوقُهَا رَجُلٌ إلَخْ) إذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ عَلَى دَابَّةٍ يَسُوقُهَا رَجُلٌ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ السَّائِقِ دُونَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ سَوَاءٌ كَانَ مَالِكَهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَكَذَا إذَا كَانَ قَائِدَهَا أَوْ رَاكِبَهَا؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ فِي دَارِهِ، فَإِنْ اجْتَمَعَ الرَّاكِبُ وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْقَتِيلَ فِي أَيْدِيهِمْ فَصَارَ كَمَا إذَا وُجِدَ فِي دَارِهِمْ وَطُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا إذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي الدَّارِ؛ فَإِنَّ الدِّيَةَ هُنَا عَلَى عَاقِلَتِهِمْ وَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِمْ سَوَاءٌ كَانُوا مُلَّاكًا أَوْ لَمْ يَكُونُوا وَهُنَاكَ عَلَى الْمَالِكِ لَا عَلَى السُّكَّانِ.

وَأُجِيبَ أَوَّلًا بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الدِّيَةَ لَا تَجِبُ عَلَى مَالِكِ الدَّابَّةِ بَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَالْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلدَّابَّةِ مَالِكٌ مَعْرُوفٌ وَإِنَّمَا يُعْرَفْ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْقَائِدِ أَوْ السَّائِقِ أَوْ الرَّاكِبِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهَا مَالِكٌ مَعْرُوفٌ فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَثَانِيًا وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقِ جَوَابِ الْكِتَابِ أَنَّ الْقَسَامَةَ تَجِبُ عَلَى الَّذِي فِي يَدِهِ الدَّابَّةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ لِلدَّابَّةِ مَالِكٌ مَعْرُوفٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ لِلرَّأْيِ، وَالتَّصَرُّفِ، وَالتَّدْبِيرِ، وَذَلِكَ فِي الدَّارِ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ لَا تَنْقَطِعُ عَنْهَا بِالْإِجَارَةِ، وَأَمَّا فِي الدَّابَّةِ فَالتَّصَرُّفُ، وَالرَّأْيُ، وَالتَّدْبِيرُ إلَى مَنْ بِيَدِهِ الدَّابَّةُ لِزَوَالِ يَدِ الْمَالِكِ عَنْهَا بِالْإِجَارَةِ وَبِالِانْفِلَاتِ فَتَكُونُ الْقَسَامَةُ عَلَى الَّذِي فِي يَدِهِ الدَّابَّةُ.

وَقَوْلُهُ (وَدَاعَةَ وَأَرْحَبَ) هُمَا قَبِيلَتَانِ مِنْ هَمْدَانَ وَمَا بَعْدَهُ ظَاهِرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>