للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مُعَسْكَرٍ أَقَامُوهُ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ فِيهَا، فَإِنْ وُجِدَ فِي خِبَاءٍ أَوْ فُسْطَاطٍ فَعَلَى مَنْ يَسْكُنُهَا الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ، وَإِنْ كَانَ خَارِجًا مِنْ الْفُسْطَاطِ فَعَلَى أَقْرَبِ الْأَخْبِيَةِ) اعْتِبَارًا لِلْيَدِ عِنْدَ انْعِدَامِ الْمِلْكِ (وَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ لَقُوا قِتَالًا وَوُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعَدُوَّ قَتَلَهُ فَكَانَ هَدَرًا، وَإِنْ لَمْ يَلْقَوْا عَدُوًّا فَعَلَى مَا بَيَّنَّاهُ (وَإِنْ كَانَ لِلْأَرْضِ مَالِكٌ فَالْعَسْكَرُ كَالسُّكَّانِ فَيَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.

قَالَ (وَإِذَا قَالَ الْمُسْتَحْلَفُ قَتَلَهُ فُلَانٌ اُسْتُحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْتُ وَلَا عَرَفْت لَهُ قَاتِلًا

وَأَوَّلُهُ قَوْلُهُ «لَوْ أُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ لَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» لَا يُقَالُ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ لِمَا عَلِمْت غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ الظَّاهِرَ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلِاسْتِحْقَاقِ.

وَقَوْلُهُ (وَإِنْ وُجِدَ فِي خِبَاءٍ أَوْ فُسْطَاطٍ) الْخِبَاءُ: الْخَيْمَةُ مِنْ الصُّوفِ، وَالْفُسْطَاطُ: الْخَيْمَةُ الْعَظِيمَةُ فَكَانَ أَعْظَمَ مِنْ الْخِبَاءِ. وَقَوْلُهُ (فَعَلَى أَقْرَبِ الْأَخْبِيَةِ) قِيلَ هَذَا إذَا نَزَلُوا قَبَائِلَ قَبَائِلَ مُتَفَرِّقِينَ، أَمَّا إذَا نَزَلُوا مُخْتَلِطِينَ فَالدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِمْ.

وَقَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ لَقُوا قِتَالًا) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا: أَيْ مُقَاتِلِينَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ لَقُوا فِي مَعْنَى الْمُقَاتَلَةِ، وَأَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لَهُ: أَيْ لِلْقِتَالِ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعَدُوَّ قَتَلَهُ فَكَانَ هَدَرًا) يُحْوِجُ إلَى ذِكْرِ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إذَا اقْتَتَلُوا عَصَبِيَّةً فِي مَحَلَّةٍ فَأَجْلَوْا عَنْ قَتِيلٍ فَإِنَّ عَلَيْهِمْ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ كَمَا مَرَّ آنِفًا. وَقَالُوا فِي ذَلِكَ: إنَّ الْقِتَالَ إذَا كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ فِي مَكَان فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَا يُدْرَى أَنَّ الْقَاتِلَ مِنْ أَيِّهِمَا يُرَجَّحُ احْتِمَالُ قَتْلِ الْمُشْرِكِينَ حَمْلًا لِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّلَاحِ فِي أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ الْكَافِرِينَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْحَالِ وَيَقْتُلُونَ الْمُسْلِمِينَ. وَأَمَّا فِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَلَيْسَ ثَمَّةَ جِهَةُ الْحَمْلِ عَلَى الصَّلَاحِ حَيْثُ كَانَ الْفَرِيقَانِ مُسْلِمِينَ فَبَقِيَ حَالُ الْقَتْلِ مُشْكِلًا فَأَوْجَبْنَا الْقَسَامَةَ، وَالدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ لِوُرُودِ النَّصِّ بِإِضَافَةِ الْقَتْلِ إلَيْهِمْ عِنْدَ الْإِشْكَالِ فَكَانَ الْعَمَلُ بِمَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ أَوْلَى عِنْدَ الِاحْتِمَالِ مِنْ الْعَمَلِ بِاَلَّذِي لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ. وَقَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَلْقَوْا عَدُوًّا فَعَلَى مَا بَيَّنَّاهُ) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مُعَسْكَرٍ أَقَامُوا إلَخْ. وَقَوْلُهُ (وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ) إشَارَةٌ إلَى مَا ذَكَرَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَدْخُلُ السُّكَّانُ مَعَ الْمُلَّاكِ فِي الْقَسَامَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هُوَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا.

وَقَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ الْمُسْتَحْلَفُ قَتَلَهُ فُلَانٌ اُسْتُحْلِفَ بِاَللَّهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>