وَلَوْ قَتَلَ عَشَرَةٌ رَجُلًا خَطَأً فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عُشْرُ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ اعْتِبَارًا لِلْجُزْءِ بِالْكُلِّ إذْ هُوَ بَدَلُ النَّفْسِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مُدَّةُ ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْأَصْلِيَّ الْمِثْلُ وَالتَّحَوُّلَ إلَى الْقِيمَةِ بِالْقَضَاءِ فَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِهِ كَمَا فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ.
قَالَ (وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ فَعَاقِلَتُهُ قَبِيلَتُهُ) لِأَنَّ نُصْرَتَهُ بِهِمْ وَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ فِي التَّعَاقُلِ. قَالَ (وَتُقْسَمُ عَلَيْهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ لَا يُزَادُ الْوَاحِدُ عَلَى أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيُنْتَقَصُ مِنْهَا) قَالَ ﵁: كَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ ﵀ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى أَرْبَعَةٍ مِنْ جَمِيعِ الدِّيَةِ، وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ ﵀ عَلَى أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ جَمِيعِ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَّا دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَثُلُثُ دِرْهَمٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
قَالَ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَتَّسِعُ الْقَبِيلَةُ لِذَلِكَ ضُمَّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ) مَعْنَاهُ: نَسَبًا كُلُّ ذَلِكَ لِمَعْنَى التَّخْفِيفِ وَيُضَمُّ الْأَقْرَبُ
وَقَوْلُهُ (؛ لِأَنَّ الْوَاجِب الْأَصْلِيَّ الْمِثْلُ)؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْمُتْلَفَاتِ إنَّمَا يَكُونُ بِالْمِثْلِ بِالنَّصِّ، وَمِثْلُ النَّفْسِ النَّفْسُ، إلَّا أَنَّهُ إذَا رُفِعَ إلَى الْقَاضِي وَتَحَقَّقَ الْعَجْزُ عَنْ اسْتِيفَاءِ النَّفْسِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْعُقُوبَةِ تَحَوَّلَ الْحَقُّ إلَى الْقِيمَةِ بِالْقَضَاءِ (فَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِهِ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ (كَمَا فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ) فَإِنَّ قِيمَتَهُ إنَّمَا تَجِبُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ رَدُّ عَيْنَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ مُتَعَذِّرًا، لَكِنْ جُعِلَ الْوَاجِبُ رَدَّ الْعَيْنِ وَتَحَوَّلَ إلَى الْقِيمَةِ بِالْقَضَاءِ لَمَّا تَحَقَّقَ الْعَجْزُ عَنْ رَدِّ الْعَيْنِ؛ وَلِهَذَا لَوْ هَلَكَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْقَضَاءِ لَمْ يَضْمَنْ الْمَغْرُورُ شَيْئًا وَهَذَا هُوَ الْمَوْعُودُ مِنْ قَبْلُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ بِالْقَضَاءِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ. وَقَوْلُهُ (وَهَذَا) أَيْ قَوْلُ الْقُدُورِيِّ ﵀ لَا يُزَادُ الْوَاحِدُ عَلَى أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيُنْقَصُ مِنْهَا (إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُزَادَ عَلَى أَرْبَعَةٍ مِنْ جَمِيعِ الدِّيَةِ) فَإِذَا أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ كَانَ مِنْ جَمِيعِ الدِّيَةِ تِسْعَةٌ أَوْ اثْنَا عَشَرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا ﵀ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ جَمِيعِ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَّا دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَثُلُثُ دِرْهَمٍ. وَقَوْلُهُ (وَهُوَ الْأَصَحُّ) احْتِرَازٌ عَمَّا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا ﵏ مِمَّا فُهِمَ مِنْ إشَارَةِ كَلَامِ الْقُدُورِيِّ ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ وَقَالَ ذَلِكَ غَلَطٌ.
وَقَوْلُهُ (ضُمَّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ مَعْنَاهُ نَسَبًا) قَالُوا هَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ فِي حَقِّ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ حُفِظَتْ أَنْسَابُهُمْ فَأَمْكَنَنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute