للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْكُلِّ وَالنِّصْفِ، وَلِأَنَّهُ حَقُّ الْوَرَثَةِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ انْعَقَدَ سَبَبُ الزَّوَالِ إلَيْهِمْ وَهُوَ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنْ الْمَالِ فَأَوْجَبَ تَعَلُّقَ حَقِّهِمْ بِهِ، إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُظْهِرْهُ فِي حَقِّ الْأَجَانِبِ بِقَدْرِ الثُّلُثِ لِيَتَدَارَكَ مَصِيرَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، وَأَظْهَرَهُ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِمْ تَحَرُّزًا عَمَّا يَتَّفِقُ مِنْ الْإِيثَارِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ

أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ «دَخَلَ النَّبِيُّ يَعُودُنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَأُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ لَا، فَقُلْتُ فَبِالنِّصْفِ؟ قَالَ لَا، قُلْتُ: فَبِالثُّلُثِ؟ قَالَ: الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، لَا تَدَعُ أَهْلَك يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «إنَّكَ إنْ تَدَعْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ». وَقَوْلُهُ (وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ) ظَاهِرٌ، وَالضَّمِيرُ الْبَارِزُ فِي قَوْلِهِ لَمْ يَظْهَرْهُ وَأَظْهَرَهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ. وَقَوْلُهُ (تَحَرُّزًا عَمَّا يَتَّفِقُ مِنْ الْإِيثَارِ) أَيْ احْتِرَازٌ عَمَّا يُوجَدُ مِنْ تَأَذِّي الْبَعْضِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ بِسَبَبِ (إيثَارِ) الْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ عَلَى (مَا نُبَيِّنُهُ) يَعْنِي عِنْدَ قَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا وَلَا تَجُوزُ لِوَارِثٍ وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْحَيْفُ فِي الْوَصِيَّةِ، رُوِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ وَهُوَ الظُّلْمُ، وَرُوِيَ الْجَنَفُ بِالْجِيمِ وَالنُّونِ

<<  <  ج: ص:  >  >>