للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ أَجَازَ بَعْضٌ وَرَدَّ بَعْضٌ تَجُوزُ عَلَى الْمُجِيزِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ وَبَطَلَ فِي حَقِّ الرَّادِّ.

قَالَ (وَيَجُوزُ أَنْ يُوصِيَ الْمُسْلِمُ لِلْكَافِرِ وَالْكَافِرُ لِلْمُسْلِمِ) فَالْأُولَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ﴾ الْآيَةَ. وَالثَّانِي لِأَنَّهُمْ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ سَاوَوْا الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَلِهَذَا جَازَ التَّبَرُّعُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ فَكَذَا بَعْدَ الْمَمَاتِ (وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْوَصِيَّةُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ بَاطِلَةٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ﴾ الْآيَةَ.

قَوْلُهُ (وَلَوْ أَجَازَ بَعْضٌ) ظَاهِرٌ.

قَالَ (وَيَجُوزُ أَنْ يُوصِيَ الْمُسْلِمُ لِلْكَافِرِ) وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ الذِّمِّيِّ وَعَكْسُهَا جَائِزَةٌ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ﴾ الْآيَةَ، نَفْيُ النَّهْيِ عَنْ الْبَرِّ إلَيْهِمْ، وَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ بِرٌّ إلَيْهِمْ فَكَانَتْ غَيْرَ مَنْهِيَّةٍ. وَأَمَّا الثَّانِيَ فَلِمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ. وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ فَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بَاطِلَةٌ، وَقَالُوا فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إنَّهُ ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ. وَوَجْهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ، وَإِنْ فُعِلَ ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ. وَأَمَّا وَصِيَّةُ الْحَرْبِيِّ بَعْدَمَا دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ تَمْلِيكِ مَالِهِ فِي حَيَاتِهِ فَكَذَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، خَلَا أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ وَصِيَّتِهِ بِالثُّلُثِ وَبِجَمِيعِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ مَنْعَ الْمُسْلِمِ عَمَّا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِحَقِّ وَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>