للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُجْعَلُ كُلُّ خَمْسَةٍ سَهْمًا فَيَصِيرُ عَشَرَةً، وَعِنْدَهُمَا يُقْسَمُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَضْرِبُ بِالْعَشَرَةِ وَهُمْ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ فَتَصِيرُ السِّهَامُ أَحَدَ عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمَانِ وَلَهُمْ تِسْعَةٌ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْوَصِيَّةِ إقْرَارٌ قِيلَ هُوَ عَلَى الْخِلَافِ، وَقِيلَ لَا خِلَافَ فِيهِ لِمُحَمَّدٍ.

وَالْفَرْقُ لَهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِمِلْكِ الْغَيْرِ صَحِيحٌ، حَتَّى إنَّ مَنْ أَقَرَّ بِمِلْكِ الْغَيْرِ لِغَيْرِهِ ثُمَّ مَلَكَهُ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ، وَالْوَصِيَّةُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ لَا تَصِحُّ، حَتَّى لَوْ مَلَكَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ثُمَّ مَاتَ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ وَلَا تَنْفُذُ.

قَالَ (وَمَنْ أَوْصَى مِنْ مَالِ رَجُلٍ لِآخَرَ بِأَلْفٍ بِعَيْنِهِ فَأَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَإِنْ دَفَعَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ) لِأَنَّ هَذَا تَبَرُّعٌ بِمَالِ الْغَيْرِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ، وَإِذَا أَجَازَ يَكُونُ تَبَرُّعًا مِنْهُ أَيْضًا فَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ التَّسْلِيمِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي مَخْرَجِهَا صَحِيحَةٌ لِمُصَادِفَتِهَا مِلْكَ نَفْسِهِ وَالِامْتِنَاعِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ، فَإِذَا أَجَازُوهَا سَقَطَ حَقُّهُمْ فَنَفَذَ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي.

قَالَ (وَإِذَا اقْتَسَمَ الِابْنَانِ تَرِكَةَ الْأَبِ أَلْفًا ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِرَجُلٍ أَنَّ الْأَبَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ فَإِنَّ الْمُقِرَّ يُعْطِيهِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ) وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ ، لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالثُّلُثِ لَهُ تَضَمَّنَ إقْرَارَهُ بِمُسَاوَاتِهِ إيَّاهُ، وَالتَّسْوِيَةُ فِي إعْطَاءِ النِّصْفِ لِيَبْقَى لَهُ النِّصْفُ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِثُلُثٍ شَائِعٍ فِي التَّرِكَةِ وَهِيَ فِي أَيْدِيهمَا فَيَكُونُ مُقِرًّا بِثُلُثِ مَا فِي يَدِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ

وَقَوْلُهُ (فَتَصِيرُ السِّهَامُ أَحَدَ عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمَانِ وَلَهُمْ تِسْعَةٌ) فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَقْسِمَ نَصِيبَ الْمُوصِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٍ لِلْمُوصَى لَهُ، وَأَرْبَعَةٍ لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ عِنْدَهُمَا فِي عَشَرَةِ أَذْرُعٍ بَقِيَ حَقُّ الْوَرَثَةِ فِي أَرْبَعِينَ. قُلْنَا: زَعَمَ الْوَرَثَةُ أَنَّ حَقَّهُمْ فِي خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُ فِي خَمْسَةٍ تَمَسُّكًا بِمَذْهَبِ مُحَمَّدٍ وَزَعَمَ الْمُوصَى لَهُ أَنَّ حَقَّهُ فِي عَشَرَةٍ وَحَقَّ الْوَرَثَةِ فِي أَرْبَعِينَ فَيُعْتَبَرُ زَعْمُ كُلِّ فَرِيقٍ، فَجَعَلْنَا كُلَّ خَمْسَةٍ سَهْمًا فَصَارَ الْكُلُّ أَحَدَ عَشَرَ. وَقَوْلُهُ (وَقِيلَ لَا خِلَافَ فِيهِ لِمُحَمَّدٍ) بَلْ قَوْلُهُ فِي الْإِقْرَارِ كَقَوْلِهِمَا فِي الْوَصِيَّةِ وَالْبَاقِي ظَاهِرٌ.

قَالَ (وَمَنْ أَوْصَى مِنْ مَالِ رَجُلٍ لِآخَرَ بِأَلْفٍ) وَمَنْ أَوْصَى مِنْ مَالِ رَجُلٍ لِآخَرَ بِأَلْفٍ بِعَيْنِهَا فَبَلَغَهُ فَإِمَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَصِيَّةَ أَوْ لَا؛ فَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ بَطَلَتْ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ جَازَتْ، فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>