للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ» أَيْ مِنْ السُّنَّةِ وَذَكَرَ مِنْهَا الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ وَلِهَذَا كَانَا سُنَّتَيْنِ فِي الْوُضُوءِ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ وَهُوَ أَمْرٌ بِتَطْهِيرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ، إلَّا أَنَّ مَا يَتَعَذَّرُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ خَارِجٌ عَنْ النَّصِّ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَالْمُوَاجِهَةُ فِيهِمَا مُنْعَدِمَةٌ، وَالْمُرَادُ بِمَا رُوِيَ حَالَةَ الْحَدَثِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ «إنَّهُمَا فَرْضَانِ فِي الْجَنَابَةِ سُنَّتَانِ فِي الْوُضُوءِ».

قَالَ (وَسُنَّتُهُ أَنْ يَبْدَأَ الْمُغْتَسِلُ فَيَغْسِلَ يَدَيْهِ وَفَرْجَهُ وَيُزِيلَ نَجَاسَةً إنْ كَانَتْ عَلَى بَدَنِهِ،

فِي الْجَسَدِ، فَاَلَّتِي فِي الرَّأْسِ: الْفَرْقُ، وَالسِّوَاكُ، وَالْمَضْمَضَةُ، وَالِاسْتِنْشَاقُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ. وَاَلَّتِي فِي الْجَسَدِ: الْخِتَانُ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ. (وَلَنَا قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ وَالْجُنُبُ يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ جَرَى مَجْرَى الْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ الْإِجْنَابُ وَقَوْلُهُ: ﴿فَاطَّهَّرُوا﴾ أَيْ اغْسِلُوا أَبْدَانَكُمْ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ أَمْرٌ بِتَطْهِيرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ إلَّا أَنَّ مَا يَتَعَذَّرُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ خَارِجٌ عَنْ الْإِرَادَةِ كَدَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ لِمَا فِي غَسْلِهِمَا مِنْ الضَّرَرِ وَالْأَذَى، وَلِهَذَا سَقَطَ غَسْلُهُمَا عَنْ حَقِيقَةِ النَّجَاسَةِ بِأَنْ كَحَّلَ عَيْنَيْهِ بِكُحْلٍ نَجِسٍ، وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ لَا تَعَذُّرَ فِيهِمَا، وَلِهَذَا افْتَرَضَ غَسْلَهُمَا عَنْ النَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ فَيُفْتَرَضُ أَيْضًا فِي الْجَنَابَةِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْوُضُوءِ) جَوَابٌ عَنْ قِيَاسِ الشَّافِعِيِّ الْغُسْلَ بِالْوُضُوءِ (؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ غَسْلُ الْوَجْهِ لَا جَمِيعِ الْبَدَنِ وَالْمُوَاجَهَةُ فِيهِمَا) أَيْ فِي مَحَلَّيْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مَعْدُومَةٌ.

وَقَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِمَا رُوِيَ) جَوَابٌ عَنْ حَدِيثِ الشَّافِعِيِّ يَحْمِلُهُ عَلَى الْوُضُوءِ بِدَلِيلِ مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ أَنَّهُمَا فَرْضَانِ فِي الْجَنَابَةِ سُنَّتَانِ فِي الْوُضُوءِ.

قَالَ (وَسُنَّتُهُ أَنْ يَبْدَأَ الْمُغْتَسِلُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ وَفَرْجَهُ وَيُزِيلُ نَجَاسَةً إنْ كَانَتْ عَلَى بَدَنِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>