(وَمَنْ تَلَا سَجْدَةً فَلَمْ يَسْجُدْهَا حَتَّى دَخَلَ فِي صَلَاةٍ فَأَعَادَهَا وَسَجَدَ أَجْزَأَتْهُ السَّجْدَةُ عَنْ التِّلَاوَتَيْنِ)؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ أَقْوَى لِكَوْنِهَا صَلَاتِيَّةً فَاسْتُتْبِعَتْ الْأُولَى. وَفِي النَّوَادِرِ يَسْجُدُ أُخْرَى بَعْدَ الْفَرَاغِ
مَنْقُوضٌ بِمَا إذَا سَمِعُوا وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ مِمَّنْ لَيْسَ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا سَجْدَةٌ وَجَبَتْ فِي الصَّلَاةِ وَيَسْجُدُونَهَا بَعْدَهَا كَمَا تَقَدَّمَ. وَالثَّانِي مَا قِيلَ إنَّ قَوْلَهُ فَلَمْ يَسْجُدُوهَا فِيهَا غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ لِأَنَّهَا تُؤَدَّى بِسَجْدَةِ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ تُنْوَ. وَالثَّالِثُ مَا قِيلَ تَاءُ التَّأْنِيثِ تُحْذَفُ فِي النَّسَبِ فَالصَّوَابُ صَلَوِيَّةٌ. وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ تَقْدِيرَهُ وَكُلُّ سَجْدَةٍ صَلَاتِيَّةٍ وَاجِبَةٌ فِي الصَّلَاةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَجَبَتْ فِي الصَّلَاةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ صِفَةً مُوَضِّحَةً وَمَا ثَمَّةَ مَا يُمَيِّزُهُ عَنْهَا لِأَنَّ كُلَّ سَجْدَةٍ صَلَاتِيَّةٍ وَاجِبَةٌ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ وَعَادَ السُّؤَالُ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ التَّأْكِيدِ وَالْمَدْحِ وَالذَّمِّ وَالْمَقَامُ لَا يَقْتَضِيهِ، فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ تَقْدِيرُهُ: وَكُلُّ سَجْدَةٍ عَنْ تِلَاوَةٍ وَجَبَتْ فِي الصَّلَاةِ: أَيْ ثَبَتَتْ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ إنَّمَا تَتَأَدَّى بِسَجْدَةِ الصَّلَاةِ إذَا قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فَسَجَدَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَسْجُدْ عَلَى الْفَوْرِ حَتَّى قَرَأَ مِقْدَارَ ثَلَاثِ آيَاتٍ وَرَكَعَ أَوْ سَجَدَ لِلصَّلَاةِ يَنْوِي بِهَا سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ بِفَوَاتِ وَقْتِهَا فَلَا تَتَأَدَّى فِي ضِمْنِ الْغَيْرِ. وَرُدَّ بِأَنَّ وَقْتَهَا مُوَسَّعٌ، فَمَتَى سَجَدَ كَانَ أَدَاءً لَا قَضَاءً. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ وُجُوبَهَا عَلَى الْفَوْرِ لَا التَّرَاخِي فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ اخْتَارَ ذَلِكَ؛ وَعَنْ الثَّالِثِ بِأَنَّهُ خَطَأٌ مُسْتَعْمَلٌ وَهُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ خَيْرٌ مِنْ صَوَابٍ نَادِرٍ.
قَالَ (وَمَنْ تَلَا سَجْدَةً فَلَمْ يَسْجُدْهَا) هَذَا لِبَيَانِ التَّدَاخُلِ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَيْ وَمَنْ تَلَا آيَةَ سَجْدَةٍ خَارِجَ الصَّلَاةِ (حَتَّى دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَأَعَادَهَا) أَيْ تِلَاوَةَ تِلْكَ الْآيَةِ وَلَمْ يَتَبَدَّلْ مَجْلِسُ الصَّلَاةِ عَنْ مَجْلِسِ التِّلَاوَةِ (وَسَجَدَ) فِي الصَّلَاةِ (أَجْزَأَتْهُ السَّجْدَةُ) الَّتِي سَجَدَهَا (عَنْ التِّلَاوَتَيْنِ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لِكَوْنِهَا صَلَاتِيَّةً أَقْوَى فَاسْتَتْبَعَتْ الْأُولَى وَفِي النَّوَادِرِ يَسْجُدُ) سَجْدَةً (أُخْرَى بَعْدَ الْفَرَاغِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute