(وَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا وَقَعَدَ فِي الثَّانِيَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أَجْزَأَتْهُ الْأُولَيَانِ عَنْ الْفَرْضِ وَالْأُخْرَيَاتُ لَهُ نَافِلَةٌ) اعْتِبَارًا بِالْفَجْرِ، وَيَصِيرُ مُسِيئًا لِتَأْخِيرِ السَّلَامِ (وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ فِي الثَّانِيَةِ قَدْرَهَا بَطَلَتْ)؛ لِاخْتِلَاطِ النَّافِلَةِ بِهَا قَبْلَ إكْمَالِ أَرْكَانِهَا.
وَعِنْدَنَا قَصْرُ الْأَوْصَافِ عِنْدَ الْخَوْفِ مُبَاحٌ لَا وَاجِبٌ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَلِأَنَّ التَّصَدُّقَ بِمَا لَا يَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ مِنْ غَيْرِ مُفْتَرَضِ الطَّاعَةِ كَالْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَالْقِصَاصِ إسْقَاطٌ مَحْضٌ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَلَأَنْ يَكُونَ مِنْ مُفْتَرَضِ الطَّاعَةِ أَوْلَى وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ لَمَّا أَتَى مَكَّةَ صَارَ مُسْتَطِيعًا فَيُفْتَرَضُ عَلَيْهِ وَيَأْثَمُ بِتَرْكِهِ كَالْأَغْنِيَاءِ.
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ قَدْرَهَا) أَيْ قَدْرَ قَعْدَةٍ التَّشَهُّدِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (لِاخْتِلَاطِ النَّافِلَةِ بِهَا قَبْلَ إكْمَالِ أَرْكَانِهَا) لِأَنَّ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةَ رُكْنٌ وَقَدْ تَرَكَهَا قَبْلَ احْتِيَاجِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ إلَى الْقِرَاءَةِ كَاحْتِيَاجِهَا إلَى الْقَعْدَةِ، فَإِذَا لَمْ يَقْرَأْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَقَامَ إلَى الثَّالِثَةِ وَنَوَى الْإِقَامَةَ وَقَرَأَ الْأُخْرَيَيْنِ جَازَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فَكَيْفَ تَبْطُلُ بِتَرْكِ الْقَعْدَةِ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَلَامَنَا فِيمَا إذَا لَمْ يَقْعُدْ فِي الْأُولَى وَأَتَمَّ أَرْبَعًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ فَيَكُونُ فِيهِ اخْتِلَاطُ النَّافِلَةِ بِالْفَرْضِ قَبْلَ إكْمَالِهِ، وَفِيمَا ذَكَرْتُمْ لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ صَارَ فَرْضُهُ أَرْبَعًا وَصَارَتْ قِرَاءَتُهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ قِرَاءَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute