قَالَ (وَالْمَعَانِي الْمُوجِبَةُ لِلْغُسْلِ إنْزَالُ الْمَنِيِّ عَلَى وَجْهِ الدَّفْقِ وَالشَّهْوَةِ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ حَالَةَ النَّوْمِ وَالْيَقِظَةِ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ ﵀ خُرُوجُ الْمَنِيِّ كَيْفَمَا كَانَ يُوجِبُ الْغُسْلَ لِقَوْلِهِ ﵊ «الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» أَيْ الْغُسْلُ مِنْ الْمَنِيِّ، وَلَنَا أَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّطْهِيرِ يَتَنَاوَلُ الْجُنُبَ، وَالْجَنَابَةُ فِي اللُّغَةِ خُرُوجُ الْمَنِيِّ عَلَى وَجْهِ الشَّهْوَةِ، يُقَالُ أَجْنَبَ الرَّجُلُ إذَا
رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا تَبُلُّ ذَوَائِبَهَا ثَلَاثًا مَعَ كُلِّ بَلَّةٍ عَصْرَةٌ لِيَبْلُغَ الْمَاءُ شُعَبَ قُرُونِهَا، بِخِلَافِ اللِّحْيَةِ فَإِنَّهُ لَا حَرَجَ فِي إيصَالِ الْمَاءِ إلَى أَثْنَائِهَا. وَفِي تَخْصِيصِ الْمَرْأَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ حُكْمَ الرَّجُلِ بِخِلَافِهَا.
قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: الرَّجُلُ إذَا ضَفَّرَ شَعْرَهُ كَمَا يَفْعَلُهُ الْعَلَوِيُّونَ وَالْأَتْرَاكُ هَلْ يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى أَثْنَاءِ الشَّعْرِ؟ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّهُ يَجِبُ.
قَالَ (وَالْمَعَانِي الْمُوجِبَةُ لِلْغُسْلِ) أَيْ الْعِلَلُ الْمُوجِبَةُ، وَاخْتَارَ لَفْظَ الْمَعَانِي لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ.
قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هَذِهِ مَعَانٍ مُوجِبَةٌ لِلْجَنَابَةِ لَا لِلْغُسْلِ، فَإِنَّهَا تَنْقُضُهُ فَكَيْفَ تُوجِبُهُ. وَذَكَرَ فِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ سَبَبَ وُجُوبِ الِاغْتِسَالِ إرَادَةَ مَا لَا يَحِلُّ فِعْلُهُ بِسَبَبِ الْجَنَابَةِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْغُسْلَ يَجِبُ إذْ وُجِدَ أَحَدُ الْمَعَانِي الْمَذْكُورَةِ سَوَاءٌ وُجِدَتْ الْإِرَادَةُ أَمْ لَمْ تُوجَدْ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ: السَّبَبُ الْجَنَابَةُ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ، وَلَوْ زِيدَ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا لَانْدَفَعَ، وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْمَعَانِي الْمُوجِبَةُ عِلَّةَ الْعِلَّةِ.
وَقَوْلُهُ: (إنْزَالُ الْمَنِيِّ عَلَى وَجْهِ الدَّفْقِ وَالشَّهْوَةِ) قِيلَ هَذَا اللَّفْظُ بِإِطْلَاقِهِ يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لِاشْتِرَاطِهِ الدَّفْقَ وَالشَّهْوَةَ حَالَ الْخُرُوجِ، وَلَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا مَا اشْتَرَطَا الدَّفْقَ عِنْدَ الْخُرُوجِ حَتَّى قَالَا يَجِبُ الْغُسْلُ إذَا زَالَ الْمَنِيُّ عَنْ مَكَانِهِ بِشَهْوَةٍ وَإِنْ خَرَجَ بِغَيْرِ دَفْقٍ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ مُسْتَقِيمٌ عَلَى قَوْلِهِمْ فَإِنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute