(لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ، أَوْ فِي مُصَلَّى الْمِصْرِ، وَلَا تَجُوزُ فِي الْقُرَى)
وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَالْمَعْقُولِ. أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ أَمَرَ بِالسَّعْيِ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَهِيَ الْخُطْبَةُ الَّتِي هِيَ شَرْطُ جَوَازِ الْجُمُعَةِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَإِذَا كَانَ السَّعْيُ وَاجِبًا إلَيْهَا فَإِلَى مَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الْجُمُعَةُ أَوْلَى، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِتَحْرِيمِ الْمُبَاحِ، وَلَا يَكُونُ إلَّا لِأَمْرٍ وَاجِبٍ مُقْتَضِي الْحِكْمَةِ.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُهُ ﷺ «اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ عَلَيْكُمْ الْجُمُعَةَ فِي يَوْمِي هَذَا فِي شَهْرِي هَذَا فِي مَقَامِي هَذَا، فَمَنْ تَرَكَهَا تَهَاوُنًا بِهَا وَاسْتِخْفَافًا بِحَقِّهَا وَلَهُ إمَامٌ جَائِرٌ أَوْ عَادِلٌ أَلَا فَلَا جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَهُ أَلَا فَلَا صَلَاةَ لَهُ، أَلَا فَلَا زَكَاةَ لَهُ، أَلَا فَلَا صَوْمَ لَهُ، إلَّا أَنْ يَتُوبَ، فَمَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَلِأَنَّ الْأُمَّةَ قَدْ اجْتَمَعَتْ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي أَصْلِ الْفَرْضِ فِي هَذَا الْوَقْتِ عَلَى مَا يَجِيءُ، وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَلِأَنَّا أُمِرْنَا بِتَرْكِ الظُّهْرِ لِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ، وَالظُّهْرُ فَرِيضَةٌ لَا مَحَالَةَ، وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْفَرِيضَةِ إلَّا لِفَرْضٍ هُوَ آكَدُ مِنْهُ. وَلَهَا شُرُوطٌ زَائِدَةٌ عَلَى شُرُوطِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، فَمِنْهَا مَا هُوَ فِي الْمُصَلِّي كَالْحُرِّيَّةِ وَالذُّكُورَةِ وَالْإِقَامَةِ وَالصِّحَّةِ وَسَلَامَةِ الرِّجْلَيْنِ وَالْبَصَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي غَيْرِهِ كَالْمِصْرِ الْجَامِعِ وَالسُّلْطَانِ وَالْجَمَاعَةِ وَالْخُطْبَةِ وَالْوَقْتِ وَالْإِظْهَارِ، حَتَّى إنَّ الْوَالِيَ لَوْ أَغْلَقَ بَابَ الْمِصْرِ وَجَمَعَ فِيهِ بِحَشَمِهِ وَخَدَمِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لِلنَّاسِ بِالدُّخُولِ لَمْ يُجْزِهِ وَقَاضٍ يُنَفِّذُ الْأَحْكَامَ.
قَالَ (وَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ) هَذَا بَيَانُ شُرُوطٍ لَيْسَتْ فِي نَفْسِ الْمُصَلِّي وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute