حِدَةٍ، وَكَذَا الْإِمَامُ فَلَا يُعْتَبَرُ مِنْهُمْ.
(وَإِنْ نَفَرَ النَّاسُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ وَيَسْجُدَ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ اسْتَقْبَلَ الظُّهْرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: إذَا نَفَرُوا عَنْهُ بَعْدَمَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ صَلَّى الْجُمُعَةَ، فَإِنْ نَفَرُوا عَنْهُ بَعْدَمَا رَكَعَ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَةً بَنَى عَلَى الْجُمُعَةِ) خِلَافًا لِزُفَرَ. وَهُوَ يَقُولُ: إنَّهَا شَرْطٌ فَلَا بُدَّ مِنْ دَوَامِهَا كَالْوَقْتِ. وَلَهُمَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ فَلَا يُشْتَرَطُ دَوَامُهَا كَالْخُطْبَةِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الِانْعِقَادَ بِالشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا بِتَمَامِ
الْخِطَابَ وَرَدَ لِلْجَمْعِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ وَالْجَمْعُ الصَّحِيحُ هُوَ الثَّلَاثُ (قَوْلُهُ جَمْعًا تَسْمِيَةً وَمَعْنًى) فَإِنْ قِيلَ: فَفِيمَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَعَ الْإِمَامِ ثَلَاثَةً؟ أَجَابَ بِقَوْلِهِ: وَالْجَمَاعَةُ شَرْطٌ عَلَى حِدَةٍ، وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ، فَلَا يُعْتَبَرُ الْإِمَامُ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿فَاسْعَوْا﴾ يَقْتَضِي ثَلَاثَةً، وَقَوْلُهُ ﴿إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ يَقْتَضِي ذَاكِرًا فَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ. وَيَجِبُ أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ مِمَّنْ يَصْلُحُ إمَامًا، حَتَّى إذَا كَانَ أَحَدُهُمْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الْعَبِيدِ وَالْمُسَافِرِينَ فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ تَتِمُّ بِهِمْ لِصَلَاحِيَّتِهِمْ لِلْإِمَامَةِ، وَكَمَا نَفَى الْآيَةُ مَا دُونَ الثَّلَاثِ نَفَى اشْتِرَاطَ الْأَرْبَعِينَ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ بِيَقِينٍ.
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ نَفَرَ النَّاسُ) اعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ إذَا نَفَرُوا قَبْلَ شُرُوعِهِمْ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ لَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ بِلَا خِلَافٍ وَيُصَلِّي الظُّهْرَ، وَإِنْ نَفَرُوا بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ تَقْيِيدِ الرَّكْعَةِ بِالسَّجْدَةِ اسْتَقْبَلَ الظُّهْرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَنَى عَلَى الْجُمُعَةِ عِنْدَهُمَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ بَنَى عَلَيْهَا عِنْدَهُمْ خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِنَّهُ يَقُولُ: إنَّهَا شَرْطُ الْأَدَاءِ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ مِنْهُمْ مُقَارِنًا لِتَحْرِيمِ الْإِمَامِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَوْ كَانَتْ شَرْطًا لِلِانْعِقَادِ لِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ فَكَانَتْ كَالْوَقْتِ، وَدَوَامُهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ، فَكَذَا دَوَامُهَا، وَلَمْ يُوجَدْ إذَا نَفَرُوا بَعْدَ السُّجُودِ. وَلَهُمَا أَنَّهَا شَرْطُ الِانْعِقَادِ لِأَنَّ الْأَدَاءَ قَدْ يَنْفَكُّ عَنْهَا كَمَا فِي الْمَسْبُوقِ وَاللَّاحِقِ، وَمَا هُوَ كَذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ دَوَامُهَا كَالْخُطْبَةِ، فَإِنَّ دَوَامَهَا إلَى تَقْيِيدِ الرَّكْعَةِ بِالسَّجْدَةِ غَيْرُ شَرْطٍ بِالِاتِّفَاقِ. وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ نَعَمْ هُوَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ كَمَا ذَكَرْتُمْ، وَالِانْعِقَادُ إنَّمَا هُوَ بِالشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَالصَّلَاةُ لَا تَتِمُّ إلَّا بِتَمَامِ الرَّكْعَةِ لِأَنَّ مَا دُونَهَا لَيْسَ بِصَلَاةٍ لِكَوْنِهِ فِي مَحَلِّ الرَّفْضِ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا بُدَّ مِنْ دَوَامِهَا إلَيْهَا: أَيْ مِنْ دَوَامِ الْجَمَاعَةِ إلَى الرَّكْعَةِ بِحَذْفِ الْمُضَافِ: أَيْ إلَى تَمَّامِ الرَّكْعَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute