(وَالْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ مِنْ غَيْرِ إنْزَالٍ) لِقَوْلِهِ ﵊ «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَتَوَارَتْ الْحَشَفَةُ وَجَبَ الْغُسْلُ، أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ» وَلِأَنَّهُ سَبَبُ الْإِنْزَالِ وَنَفْسُهُ يَتَغَيَّبُ عَنْ بَصَرِهِ وَقَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ لِقِلَّتِهِ فَيُقَامُ مَقَامَهُ، وَكَذَا الْإِيلَاجُ فِي الدُّبُرِ لِكَمَالِ السَّبَبِيَّةِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ احْتِيَاطًا،
مِنْ الْعَوَارِضِ النَّادِرَةِ فَلَا مُعْتَبَرَ بِهِ، قِيلَ وَقَوْلُهُ: قِيَاسٌ وَقَوْلُهُمَا اسْتِحْسَانٌ وَالْخَائِفُ مِنْ الرِّيبَةِ يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ.
وَقَوْلُهُ: (وَالْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ) الْخِتَانُ مَوْضِعُ الْقَطْعِ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَمِنْ عَادَتِهِمْ خِتَانُ الْأُنْثَى.
وَقَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ إنْزَالٍ) لَيْسَ بِشَرْطٍ لِوُجُوبِ الْغُسْلِ، فَإِنَّهُ لَوْ أَنْزَلَ وَجَبَ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ نَفْيًا لِقَوْلِ الْأَنْصَارِ ﵃ فَإِنَّهُمْ قَالُوا لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِالْإِكْسَالِ، وَاسْتَدَلُّوا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ ﷺ «الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» وَلَنَا قَوْلُهُ: ﵊ «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَتَوَارَتْ الْحَشَفَةُ وَجَبَ الْغُسْلُ، أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ» وَهَذَا مُفَسَّرٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ فَنَعْمَلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَنَقُولُ الْجَنَابَةُ تَثْبُتُ بِانْفِصَالِ الْمَنِيِّ عَنْ شَهْوَةٍ بِقَوْلِهِ «الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ تَأْوِيلِهِ، وَبِالْإِيلَاجِ فِي الْآدَمِيِّ بِقَوْلِهِ «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ» الْحَدِيثَ، وَقَدْ قَرَّرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي التَّقْرِيرِ بِتَأْيِيدِ اللَّهِ.
وَفِي قَوْلِهِ (وَتَوَارَتْ الْحَشَفَةُ إشَارَةٌ) إلَى أَنَّ مُجَرَّدَ التَّلَاقِي لَا يُوجِبُهُ، وَلَكِنْ يُوجِبُ الْوُضُوءَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. وَالْحَشَفَةُ مَا فَوْقَ الْخِتَانِ مِنْ رَأْسِ الذَّكَرِ. وَقَوْلُهُ: (وَلِأَنَّهُ سَبَبُ الْإِنْزَالِ) بَيَانُهُ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ إذَا كَانَ خَفِيًّا وَلَهُ سَبَبٌ ظَاهِرٌ، يُقَامُ ذَلِكَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ مَقَامَ ذَلِكَ الْأَمْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute