للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يَتَنَفَّلُ فِي الْمُصَلَّى قَبْلَ الْعِيدِ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مَعَ حِرْصِهِ عَلَى الصَّلَاةِ، ثُمَّ قِيلَ الْكَرَاهَةُ فِي الْمُصَلَّى خَاصَّةً، وَقِيلَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ عَامَّةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ.

(وَإِذَا حَلَّتْ الصَّلَاةُ بِارْتِفَاعِ الشَّمْسِ دَخَلَ وَقْتُهَا إلَى الزَّوَالِ، فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ خَرَجَ وَقْتُهَا) «؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْعِيدَ وَالشَّمْسُ عَلَى قِيدَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ، وَلَمَّا شَهِدُوا بِالْهِلَالِ بَعْدَ الزَّوَالِ أَمَرَ بِالْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى مِنْ الْغَدِ».

أَخْبَرَ بِالتَّكْبِيرِ بَعْدَ إكْمَالِ عِدَّةِ أَيَّامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَرَوَى نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى رَافِعًا صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ» وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا فِي الْآيَةِ التَّكْبِيرُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ، وَالْمَعْنَى صَلُّوا صَلَاةَ الْعِيدِ وَكَبِّرُوا اللَّهَ فِيهَا، وَمَدَارُ الْحَدِيثِ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَالْوَلِيدُ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. قَالَ (وَلَا يَتَنَفَّلُ فِي الْمُصَلَّى قَبْلَ الْعِيدِ) التَّنَفُّلُ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْمُصَلًّى وَغَيْرِهِ لِلْإِمَامِ، وَغَيْرُهُ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي الْكِتَابِ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ وَالْإِنْكَارُ فِي ذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ كَثِيرًا. رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ " أَنَّهُمَا قَامَا فَنَهَيَا النَّاسَ عَنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْإِمَامِ يَوْمَ الْفِطْرِ. وَرُوِيَ " أَنَّ عَلِيًّا خَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى فَرَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ فَقَالَ: مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ؟ فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَنْهَاهُمْ؟ فَقَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَكُونَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إذَا صَلَّى " وَقَوْلُهُ (خَاصَّةً وَعَامَّةً) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ مِنْ الضَّمِيرِ الَّذِي فِي الْمُسْتَقَرِّ فِي الظَّرْفِ.

وَقَوْلُهُ (وَإِذَا حَلَّتْ الصَّلَاةُ) عَبَّرَ بِالْحُلُولِ عَنْ جَوَازِهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ حَرَامًا قَبْلَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ لِمَا مَرَّ فِي الْحَدِيثِ وَقَوْلُهُ «لِأَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْعِيدَ وَالشَّمْسُ عَلَى قَيْدِ رُمْحٍ» أَيْ قَدْرِ رُمْحٍ (أَوْ رُمْحَيْنِ) دَلِيلُ دُخُولِ الْوَقْتِ. وَقَوْلُهُ (وَلَمَّا شَهِدُوا بِالْهِلَالِ) دَلِيلُ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَذَلِكَ «لِأَنَّهُ أَمَرَ بِالْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى مِنْ الْغَدِ» لِأَجْلِ الصَّلَاةِ، وَكَانَ ذَلِكَ تَأْخِيرًا بِلَا عُذْرٍ سَمَاوِيٍّ، وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ لَمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا أَوْلَى، وَفِعْلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>